على أنقاض حزب الرفاه الذي تم حلّه لمخالفته الدستور التركي –ولا يعني تأييدي للحل- رمم إخوان تركيا عودتهم للساحة السياسية بثوب حزب العدالة والتنمية ومساندة أمريكية غير معلنة بعد تعهد بدعم التوجه الأمريكي لبناء شرق أوسط جديد قادت قطار محاولة تحقيقه سيئة الذكر كونداليزا رايس. ولحظنا في ذلك الوقت التسويق لرسالة دكتوراة كان محورها الرئيس حول منهج وأدوات تحقيق تقدم سريع بالاقتصاد التركي ينتج عن السعي التركيب لتصفير مشكلاتها مع جيرانها والتشبيك الاقتصادي مع الجيران بدلاً من التشبيك بالمشكلات والتي نال عليها داوود أوغلو –وزير الخارجية التركي الحالي- درجة الدكتوراة. هذا التسويق الذي مهّد لتهيئة الدول المحيطة لتوقع تغيير كبير في عقلية وسلوك جارهم التركي.
وقد كان للحس الاسلامي دوراً في أرشفة المشاكل الحدودية والمبادرة بالتشبيك من قبل إيران وسوريا واستقبالاً متحفظاً من أرمينيا سرعان ما توقفت مساعيه واستقبالا متحفظاً كذلك مع العراق لحساسية المشكل الكردي. ولعل عدم اكتراث تركيا لإنجاح تصفير مشاكلها مع أرمينيا كان بسبب الطفرة الاقتصادية الهائلة التي تحققت من التشبيك مع إيران وسوريا وخاصة مع سوريا والذي فتح لتركيا ممر الوصول لأسواق الخليج على مصراعيه. وقد مهّد هذا التقدم الاقتصادي التركي ليس فقط ليكون نموذجا يُحتذى من قبل الدول العربية الغير بترولية الفقيرة وكذلك عودة نوع من القيادة التركية للعالم العربي بعد أن ضحت مصر السادات بالدور القيادي لمصر والذي كان معترفاً به عالمياً.
انتفخ بالون تركيا المثقوب وكبر حتى أوقعت نفسها بمشاكل مع اسرائيل جراء سفينة مرمرة وكالت اسرائيل إهانتين – عدم الاعتذار بخصوص أحداث سفينة مرمرة وإهانة السفير التركي بمقر الخارجية الاسرائيلية- تسببتا في تفريغ البالون بدرجة كبيرة ثم ارتخى بالكامل بعد مشاركتها التآمرية على سوريا مما أدى إلى حالة "لآ جيران لتركيا جيران بلا مشاكل معها" وهو ما يؤدي إلى تراجع كبير بالاقتصاد أدي حتى الآن إلى إعادة جدولة ديون تركيا والتي يفهم مغزاها الاقتصاديون. كما أعاد تركيا إلى وضع إزدراء الاتحاد الأوربي لعضويتها به وانهيار كل آمالها بهذه العضوية. وباختصار، فقد نتج عن تكبير رأس قطر -الذي بُني على العالم الافتراضي- إلى ركونهم لمعسكر النعاج يأملون بنفحة بطولة ياتيهم بها الناتو بسوريا كما أعطاها لهم بليبيا.
أما حالة مصر فهي –والحق يقال- فريدة جداً، فتكبير الرأس ذهب دائماً إلى التصادم مع القانون والدساتير والمبادئ والذي عاظم الشك الكبير بمعلومات القوم عن قيادة الدولة أو صنع مستقبل لها،
إخترت عدم ذكر وسائل تكبير الرأس بمصر وسأرد على أي متسائل عنها.
فايز انعيم