عندما شغلنا النظام بالحرب بين الهلال والصليب ليزور في الإنتخابات ويحكم بالهلال والجمل!
لم تكن حادثة الإعتداء علي كنيسة القديسين بالأسكندرية هي الاولي من نوعها وإن كانت الأكثر شراسة خلال الأعوام الماضية ، لم تكن الوحيدة وبالطبع لن تكون أبدا الأخيرة ، فلا يكاد يمر شهر وإلا نسمع ونقرأ عن حادثة إعتداء يتعرض لها الأقباط ، بعد كل حادثة لا نسمع ولا نري سوي تلك التصريحات المستفزة من رجال النظام والشيوخ والقساوسة ــ الذين أصبحوا كذلك رجالا للنظام ــ نسمع أننا أخوه نعيش في بلد واحد ومن يقوم بهذه الأعتداءات ليسوا منا ، الحقيقة أننا فعلا لسنا بشعب واحد ولا نعش أبدا في بلد واحد ..
حالة الإحتقان في إزدياد كبير والنعرات الطائفية تعلو كل يوم عن سابقه ، ونحن نتحدث عن الأخوه والشعب الواحد ، الأقباط لديهم إعتقاد بأنهم مضطهدون في بلدهم التي يقيم معهم المسلمون فيها باعتبارهم ضيوف ولابد أن يعود الصليب موضعه عاليا كما كان قبل الإسلام ، بينما المسلمون يقسمون بكل مقدساتهم علي أنهم هم المضطهدون وأن الأقباط يعيشون أزهي عصورهم بعدما أستنجدوا بالغرب وأمريكا بالتحديد .
لدي كل فريق مبرراته بأنه مضطهد بينما لا يري أي منهم هذا المضطهد ــ بكسر الهاء ــ وإذا وصل الفريقين إلي هوية من يضطهدهم لأنتهت الازمة وحصل كل منهم علي حقه ممن ظلمه .
الغريب أن أيا منهما لم يحاول حتي التفكير ولو لحظة واحده في هذا المسئول ، بينما هو يحفظ ويطبق جيدا مقولة ماركس بأن الدين أفيون الشعوب ، فأخذ يلف لهم هذا الأفيون في سجائر وهم يدخنونه بإستمتاع غريب ، شغلهم بالحرب بين الهلال والصليب بينما هو يزور في الإنتخابات ليحكم بالهلال والجمل ، جعلهم يتشابكون في مناظرات دينية لا فائدة حقيقية منها بينما هو يقتلهم أمام أفران الخبز وفي طوابير البحث عن انابيب البوتوجاز وبنزين 80 .. أرادهم أسري لشيوخ وقساسة الفضائيات بينما هو يعتقل الألاف دون أي ذنب ، تمني أن يدخلوا في دوامه الدين بينما هو يحرقهم في القطارات المتهالكة ويفرمهم في حوادث الطرق ، أرادهم أن يقذفوا بعضهم بالحجارة ليستطيع هو قذفهم في البحر ليموتوا غرقا في رحلات هجرة غير شرعية .
هكذا أستطاع النظام أن يجعل منهم فريقين بينما هو جالس يحكم كما يشاء ولا يخاف ولا يهاب شئ ، فالجميع مشغول بتكفير الأخر والبحث عن نقاط ضعف في دين الاخر وطقوس غريبة في معتقد الاخر ، فوجدنا مظاهرات في الكنائس وأمام المساجد وداخلها لأسباب لا يمكن وصفها إلا " بالتافهه " فتلك التي أسلمت لتهرب من زوجها وذلك الذي تنصر ليسافر إلي أمريكا ، هذا يطالب بحماية بنات المسيح وذلك يطالب بعوده أبناء أم المؤمنين ، حرب شرسة ومظاهرات حماسية لم نرها يوما عندما أصبح كيلو الطماطم بـ12 جنيه !!
الازمة إذا ليست في ذلك الذي عرف سر الأفيون وأستغله جيدا بينما في هؤلاء الذين أعجبهم مزاج و"دماغ" الأفيون ــ الجامده ــ ، الازمة فيمن أصبحوا أداة سهله في يد من أراد اللعب بهم ، بعد أستطاعته السيطرة علي المؤسسات الدينية لدرجة أصبح قيادي بالحزب الوطني شيخا للأزهر وأصبح البابا شنوده يبغي رضا النظام قبل رضا شعب الكنيسة .
الأزمة في أننا لم نعد حقا شعبا واحدا بل أصبحنا فريقين و شعبين وجبهتين ، لكن ليست تلك التي أرادها النظام ــ مسلم ومسيحي ــ بل أصبحنا فريقين غني يملك ويحكم ويتحكم وفقير لا يفعل أي شئ سوي خدمة الفريق الاول شعب يسكن في عشش من الصفيح في الدويقة وفي المقابر واخر يستمتع في قصور وفلل 6أكتوبر والشيخ زايد وشرم الشيخ .