استفسار م/محمد عن دور الشعوب في هبوط الدول هام ويقع ضمن محاولاتنا معاً لنشر الوعي بالأمن القومي وعناصره. وقبل أن استرسل في طرق الموضوع أوضح بأن الشعوب التي تعنينا إما شعوب تقهر وإما شعوب مقهورة. وعنصر آخر هام في سلوك الشعوب وأعني به الأنجلوسكسونية. وباختصار شديد الأنجلوسكسونية هي ظاهرة الشعوب التي تسحق كرامة شعوب أخرى بل لا تستنكف اجتثاث الشعوب الأخري من الأساس إذا أبدو إصراراً على الحفاظ على حقوقهم. من هذه الأمثلة أذكر الهنود الحمر بأمريكا والأبروجينيز باستراليا والاستعباد الواسع لإفريقيا وتسخير شعوبها.
من تسبب بالهبوط الأمريكي، وكذلك على العموم، هو الدولة بالمعنى الشامل وأهم أجنحتها أولاً الدارس الاستراتيجي المتمثل بالمعلومات عن المستهدف وثانيها الرأس التنفيذي لخطط الهيمنة. الشعب المستفيد ظاهريا ينتشي ويزهو على المهزوم.
وعندما تبدأ مقاومة الشعوب المقهورة يبدأ استنزاف القاهر الذي سيستنزف موارد شعبه المنتشي بعد قصور موارد الشعب المقهور عن تغطية التكاليف ومن ثم يتحول المنتشي الذي انتقص من امتيازاته بالانتفاض ضد الدولة التي تقرر التراجع مرغمة وهو ما وصفه د. عماد في مقاله.
أما عن استفسارك هل هو اقتصادي أرد بنعم فالعضلات القوية تحتاج إلى تغذية جيدة وهبوط جودة التغذية تضعف هذه العضلات أو يتحول صاحب العضلات إلى بلطجي يسطو على اقتصاد الغير، ليبيا مثال حي لأزمة أوروبا. وما حدث للبلطجي الأمريكي هو انبثاق الكابح الذي يمنعه من ممارسة البلطجة فيسرح بلاطجة صغاراً ليتمكن من إعادة بناء قدرة بلطجية دون توقع رد أو دفاع.
وأذكرك بان الموارد ضرورية كذلك لاستقطاب ديكورات تجمل أفعاله العدوانية. فلن يجد بوقاً معه إذا توقف أو عجز عن تمويل أبواقه والتي عادة ما تكون من الشعوب المقهورة مع شديد الأسف.
والطريف بالأمر أننا لم نفهم قول الله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ولم يطلب إعداد القوة المتكافئة فالبلطجي عادة لا يهاجم إلا إذا تأكد من عجز الضحية عن مقاومته. وهروب البلطجي متعارف عليه لو رأى امتلاك الهدف لوسيلة دفاع حتى لو كانت أضعف بكثير مما يمتلك من وسائل قوة. أمثل على ذلك بحرب 2006 حيث انتصر أقل من 3000 عنصر من حزب الله على فرق الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر التي تجاوزت 38 ألف بالبر والجو والبحر. بالمناسبة نحن نحتفل بموسم ذكرى الانتصار السادسة وتاليه روابط خطبة حسن نصر الله في ستة أجزاء وطبقا للترتيب تاليه: