قال أنس بن مالك رضى الله عنه كان رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يُقال له جُليبيب، كان فى وجههِ دمامة وكان فقيراً ويُكثر الجلوس عِند النبىَ صلى الله عليه و سلم.
كان جُليبيب رضى الله عنه لا يمْلكُ أى شئٍ من جمال الوجه و كان رضي الله عنه قصيراً جداً وذو وجهٍ متجعد و أسود و فقيراً جداً.
فقال له النبىَ صلى الله عليه و سلم ذات يوم: يا جُليبيب ألا تتزوج؟
فقال: يا رسول الله ومن يزوجني ؟!
فقال صلى الله عليه و سلم : أنا أزوجك يا جُليبيب.
فالتفت جُليبيب إلى الرسول صلى الله عليه و على آلهِ و صحبهِ و سلم فقال: إذاً تجدنى كاسداً يا رسول الله.
فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : غير أنك عند اللهِ لست بكاسد.
ثُم لم يزل النبي صلى الله عليه و سلم يتحين الفرص حتى يزوج جُليبيباً ، فجاء في يوم من الأيام رجلٌ من الأنصار قد تُوفي زوج أبنته.
فلما رآه النبىَ صلى الله عليه و سلم قال له: إنى أُريد أن أخطِبَ إبنتك.
فقال الرجل : قُربى و نُعما عينٍ.
فقال النبىَ صلى الله عليه و سلم : ليس لى.
فرد عليه الأب: لمن يا رسول الله!!
فقال صلى الله عليه و سلم : أزوجها جُليبيباً ...
فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجُليبيب! يا رسول الله انتظر حتى أستأمر أمها.
يقصد يسأل أم البنت عن رأيها.
ثم مضى إلى أمها وقال لها إن النبي صلى الله عليه و سلم يخطب إليك ابنتك.
قالت: قُربى و نُعما عينٍ. برسول الله فمن يرد الرسول صلى الله عليه و سلم.
فقال لها: إنه ليس يريدها لنفسه.
قالت: لمن؟
قال: يريدها لجُليبيب.
قالت: لجُليبيب ، إنيـــــه متأففةً ، لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً وقد منعناها فلاناً وفلاناً.
قال شراح الحديث تقصد أبا بكر و عمر.
فخرجت الفتاة من خدرها وقالت لأبويها: من خطبني إليكما؟؟
قال الأب: خطبك رسول الله .
قالت: أفتردان رسول الله أمره ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني.
فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقال: يا رسول الله شأنك بها.
يقصد الموافقة على طلبه صلى الله عليه و سلم.
فدعا النبي صلى الله عليه و سلم جُليبيباً ثم زوجه إياها ورفع النبي صلى الله عليه و سلم كفيه الشريفتين وقال: اللهم صُب عليهما الخير صباً ولا تجعل عيشهما كدًا كداً!!
ثم لم يمض على زواجهُما أيام حتى خرج النبي صلى الله عليه و سلم مع أصحابه في غزوةٍ وخرج معه جُليبيب فلما إنتهى القتال إجتمع الناس وبدأوا يتفقدون بعضهمْ بعضاً ، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتفقدون من أحد؟
قالوا: نعم يا رسول الله نفقد فلاناً وفلاناً كلُ واحد منهم إنما فقد تاجراً من التجار أو فقد ابن عمه أو أخاه.
فقال صلى الله عليه وسلم: نعم ومن تفقدون ؟
قالوا: هؤلاء الذين فقدناهم يا رسول الله .
فقال صلى الله عليه و سلم : ولكنني أفقد جُليبيباً فقوموا نتلمسُ خبرهُ.
ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتلى ثم مَشَوا فوجدوهُ في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثُم غلبته الجراح فمات.
فوقفَ رسولُ الله صلى الله عليه و سلم على جسدهِ المُقطع ثم قال: قتل سبعةً و قتلوه، هو منى وأنا منه، هو منى وأنا منه.
ثم تربع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً بجانب هذا الجسد ثم حمل هذا الجسد على ساعديه صلى الله عليه و سلم وأمرهم أن يحفروا له قبراً .
و فى رواية أخرى: وقف الرسول جنب راس جُليبيب وبعد لحظات احمر وجه رسول الله فتعجب الصحابة وسألوا رسولَ الله عن سبب إحمرار وجهه فقال لهم لقد رايت زوجات جليبيب من الحور العين قد نزلن ليزفونه إليهم و قد إحمر وجهي خجلاُ.
قال أنس: فمكثنا والله نحفرُ القبرَ و جُليبيب ماله فراش غير ساعد رسول الله.
فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدتها حتى تسابق إليها الرجال يخطبونها. من كثرة بركتها على الصحابى الجليل جُليبيب.