عظيم الشعراء من يستقرئ المقدمات جيداً قيكتب تفاصيل أحداث زمن قادم وكأنه يعيشه. هذا الشعر قيل في بدايات السبعينات ونراه واقعاً فجاً أمامنا.
شعر: محمد شمس الدين
تهب الريح من فلواتنا الجرداء (1)
تقلع من منابتها جذور الرعشة الاولى
وتلقيها على خلوات صدرك برعمً من دم
أنا لا الريّ (2) يرويني وبي ظمأ وما لي فم !
حملت الجرح والإعصار في كبدي
حضنت العشب والاطفال (3)
وحين تعبت من ترحالي الابدي
غسلت الجرح في نيلٍ من الكبريت والأوحال
بكفي هذه المعروقة الأوصال
حفرت الترعة الكبرى أقمت الجسرا
شلت حمولة الأجيال .. سُحِقتُ هناك
ثم بُعثت فلاحاً على الأورال (4)
طفتُ عوالم الناسوت والحجر
وحين رجعتُ مذبوحاً من السفر
وجدتُ لحوم أطفالي
ممزقة معلقة على القمرِ
عيونُ الهجع الأطفال في الغابات تناديني
وتسكب في شراييني صدى موال
إذا عبروا
غداً يا أم إن عبروا على جسدي
ومزق ذابح كبدي بسكين ... فضميني (6)
إلى جناحيكِ ضميني
وبالأهداب غطيني
ولا تدعي شراييني أنابيباً لمن عبروا !(7)
أعيدي صك أوراقي
أعيدي غزل أجزائي
ولا تدعي شراييني أنابيباً لمن عبروا !
إشارات:
(1) الفلوات الجرداء رمز صحاري البترول كمركز المؤامرة على العالم العربي
(2) الري مجرى عظيم للمياه أعظم من نهر
(3) يقصد عمل الفلسطيني بدول الخليج خلال بدء تكوينها ومعاناة قسوة الجو وحنينه للعشب ومداعبة أطفاله.
(4) الأورال سلسلة جبال تفصل بين أوروبا وسيبيريا. الرمز هنا إتهام الفلسطيني بالشيوعية وهو بعد درجة ثانية لأنه لا ينتمي للبروليتاريا بل فلاح وذلك للتنصل من قضية فلسطين وعدم مساعدة الثوار.
(5) عوالم الناسوت والحجر تدل على أمم لا تؤمن بالرسالات السماوية.
(6) الذابح هو الغازي بمعنى لو قتلت وانتصر الغزاة في معركة .....
(7) الأنابيب رمز للبترول والغاز.
مغناة: