في لقاء مع الأهرام سئل هيكل بما معناه أن كيف يفسر إنتقال الثورة من تونس إلى مصر قافزة فوق الجغرافيا الليبية. أقتبس من رد هيكل ما يلي:
"هناك بلدان كثيرة متجاورة لكن ليس بينها هذا التفاعل. وهذه الثورات في العالم العربي ليست مسألة جوار جغرافي تنتقل فيه اﻷفكار والحركات بالعدوى، لكنها مسألة تاريخ عربي واحد أنكر بعضنا حقائقه في مجالات الثقافة واﻷمن والمصالح المشتركة ورؤى المستقبل أيضاً. وما حدث دليل على أن هناك أمة واحدة تؤثر فيها أحوال مشتركة في نفس الوقت وبنفس الطريقة. والحقيقة أن العالم العربي كله باتصال التاريخ أكثر من تواصل الجغرافيا (قد) وصل غلى حالة ثورة على اﻷوضاع السائدة فيه وهو في اﻷصل كان في حالة قلق منذ انتهاء آخر نظام ساد فيه حكمه (ككتلة واحدة) وهو دولة الخﻻفة العثمانية. منذ ذلك الوقت نهضت فكرة الدولة الوطنية (لـ) تملأ فراغ الخلافة. لكن الدولة الوطنية لم تثبت قدرتها على تحديات العصر كما أن الروابط بين شعوب اﻷمة العربية كانت أقوى من حدودها السياسية التي رسمها اﻻستعمار على طريقة سايكس بيكو. ومشت اﻷوضاع العربية ومعها التحديات الخارجية إلى حرب فلسطين ثم ظهرت بعد ذلك وبثورة يوليو 1952 في مصر فكرة (باﻷحرى حقيقة وحتمية) الرابط العربي القومي (لمصر). لكن الحرب ضدها كانت أقوى من طاقة احتمالها وعدنا إلى فكرة الدولة الوطنية بعد حرب 73 (ﻻحظوا بعد حرب 73)، لكنها جاءت عودة محصورة في كل بلد داخل حدوده بعيداً عن غيره ومعزوﻻً عنه (ﻻ ينطبق هذا على البلدان التي يحكمها القوميون العرب) وهو وضع مستحيل سواء بالتاريخ أو بضرورات التقدم والتنمية والعدل اﻻجتماعي وكذلك زاد الخلل إلى درجة التمرد .... وهي إذن حالة تاريخ أكثر منها حالة جغرافيا."
سهوت أن أشير إلى أن ما بين القوسين هو إضافة من لدني اقتضاها توضيح المقصود أو فهم شخصي لها أو ضبطاً لغوياً.
لعلي أشير بأن الشام، وأقل حدة العراق،تعرضتا لقهر عظيم، وبسوء أكبر على عامة الديانات اﻷخرى، مما ساعد على ظهور نزعة القومية العربية خاصة بعد ظهور حركة تركيا الفتاة والتي شارك في تأسيسها المسلمون بكافة مذاهبهم والمسيحيون. وأجتهد فأقول أن الوعي اﻻستراتيجي ﻷركان حرب كجمال عبد الناصر إدى إلى توجهه القومي العربي ليس فقط كحصانة ﻷمن مصر اﻻستراتيجي بل أيضا لأن تحقيق أهداف مصر بالتقدم مرتبط بتقدم كامل المنطقة بل وبتقدم دول العالم التي استنزفها اﻻستعمار. العروبة عموماً.