كان هناك طفلا، أعطته أمه موزة ليأكلها، فوضعها في جيب حقيبته المدرسية وعند استراحة الظهر في المدرسة فتح حقيبته ليأكل الموزة فوجدها مسحوقة تماماً.. ترك الموزة مكانها على أمل أن يزيلها من الحقيبة لاحقاً.. لكنه،وبسبب عطلة نهاية الأسبوع، نسيها.. وعندما فتح جيب الحقيبة وجد الموزة وقد أصابها العفن..
أغلق الجيب، ولم يخبر أحداً.. وبقيت الموزة سرّه الدفين لثلاثة أيام إضافية إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق.. حتى رفاقه كانوا يتسائلون من أين تنبعث هذه الرائحة الكريهة في الصف مما زاد في إحراجه.. فقرر عندها مواجهة الوضع وقام بإزالة آثار الموزة المتعفّنة ونظّفت حقيبته وأنهي المشكلة..
هذا ما يحدث معنا تماماً..نسحق مشاعرنا من جرّاء اختبار مؤلم أو صدمة نتعرّض لها..فنبقيها مخبّئة في جيب
حقيبتنا الشعورية..ولا نخبر أحداً عنها..فتصاب مشاعرنا بالتلف..رغم إنكارنا، وتجاهلنا لها، وإحكام الإغلاق عليها..
لكن "رائحة" اختبارنا المؤلم، الذي قمنا بدفنه داخلنا، تنتقل من داخل "حقيبة" مشاعرنا إلى الخارج..
فتحوّلنا إلى أشخاص مضطربين، محبطين، نشعر بالكره،بالحقد، بالذنب، أو بالظلم..
الحل الوحيد لهذه المشكلة هو :
مواجهة الأمر.. وفتح "حقيبتنا" الداخلية ونتظيفها وإزالة بقايا مشاعرنا وأحاسيسنا المتعفنة..
كيف؟ بالشفافية، بالاعتراف أمام أنفسنا وأمام من نثق بهم بأن لدينا مشكلة حقيقية داخلنا
فالكبت والإنكار.. ولفلفة المشاعر الدفينة والظهور أمام الآخرين بأن كل شيء معنا هو على ما يرام.. وبأننا مسيطرون على الوضع، لا تنفع، بل تُفاقِم المشكلة..
فمهما كانت محرجة آلية البوح بما في داخلنا،
تكون أسهل بعشرات الأضعاف من أن نبقى سجّانين دائمين لآلامنا الدائمة..
فلنفتح "حقائبنا"، ولننظّفها من العفن..
ولندع نور الشمس يدخل عتمتها..
هذه هي "نظرية الموزة" التي طبّقها على الحقيبة المدرسية فلنحاول تطبيقها على "الموز" المتعفّن في "حقائبنا" الداخلية الفكرية، والعاطفية. {{uf:1224}}