في البداية لكي نفهم الأصل في تكون الأعراض والأمراض النفسية يجب ان نعرف بعض المقدمات التي ستسهل علينا الفهم وهى
قوى المجهلة ومعناها ببساطة أن الانسان لا يعرف نفسه ولا يعرف لماذا يسلك سلوك معين والانسان يعيش طوال حياته محاولا معرفة نفسة وتفسير سلوكياته وبالرغم من ذلك فإنه يواجه تناقض آخر فهو في نفس الوقت يقاوم اكتشافه لذاته لأنه يخشى مما سوف يكتشفه يخشى من الأفكار والرغبات التى توجد بداخلة ويراها شديدة البشاعة فيقاوم حتى لا يعرفها لأنه لن يقوى على مواجهتها و لأن ظهور تلك الرغبات المكبوتة والتى لا يدركها عقله سوف يسبب له القلق الشديد والأشخاص الوحيدين الذين قامو بمقاومة المجهلة وواجهو حقيقتهم كانوا الشعراء والأدباء الجاهليين وأول من قام بعدهم بذلك وقد يكون الوحيد هو فرويد فقد قام بتحليل نفسه ذاتيا دون الخجل من أفكاره ورغباته التى تعد مستهجنة من المجتمع.
بعد تلك المقدمة يمكن أن نتكلم عن الأمراض النفسية التى قد تصيب أى منا وكيف انها تؤدي نفع للمريض لذلك يقاوم الشفاء. سوف نبدأ
بالحواز والحواز هو مرض نفسي يأخذ شكل القيام بطقوس معينة وفي الغالب تكون تلك الطقوس ليس لها معنى أو سخيفة لكن الانسان يجد نفسه مجبر على القيام بها لأنها تخفف من شعوره بالقلق وإذا حدث شئ عطله عن القيام بتلك الطقوس فإن الفرد تنتابه حالة من التوتر الشديد والقلق دون سبب واضح.
بعض أمثلة للافعال الحوازية مثل غسل اليدين مئات المرات أو القيام عدة مرات من السرير قبل الاستغراق في النوم للتأكد من أن باب الشقة مغلق أو تفتيش غرف المنزل والدواليب قبل الخروج من المنزل عدة مرات ونجد أحيانا من يقوم بعد درجات السلم وإن شك في أنه أخطأ العد فإنه ينزل ويصعد من جديد ليعد الدرجات من جديد وأحيانا يوجد مرض الوسواس بجانب مرض الحواز والفرق بينهما أن الحواز أعراضه حركية أما الوسواس فيظهر في هيئة سيطرة أفكار غريبة او عدوانية على المريض .
أتوقع أن أي شخص يقرأ هذا الكلام سيبدأ في الضحك لكن تلك الأفعال أو الأفكار تسبب المعاناه لصاحبها وتبدد طاقته فيما لايفيد وهو مجبر ومقهور على فعلها وهو مدرك أنه مريض ويحاول التخلص من تلك الأفعال والأفكار لكن دون جدوى والتفسير لهذه الأعراض يختلف حسب طبيعتها وحسب الفرد المصاب بها ولكن في النهاية تشترك في شئ واحد هو محاولة الهروب من الأفكار والرغبات التي غالبا ما تأخذ طابعا جنسيا أوعدوانيا والتي توجد في اللاشعور ولا يدركها الفرد لكنه يشعر بالقلق عند محاولة تلك الأفكار الظهور والخروج للشعور ويصبح على وعي بها ويقاوم ظهورها بتلك الأفعال الحوازية.
ملحوظة لو في شخص بيعاني من تلك الأعراض أو يعرف شخص يعاني منها فلينصحه بالذهاب إلى معالج نفسي لأنه لن يستطيع التخلص منها بمفرده ولا يجب أن نمنع الشخص عنوة عن أداء تلك الطقوس لأن ذلك لا يساعده بل يضره ويجب على أسرة المريض أن تذهب أيضا للمعالج حتى تعرف الأسلوب الأمثل للتعامل مع المريض وأيضا ربما يتضح أن المشكلة لها علاقة بالأسرة فيتم حلها ومعالجتها.