قصة رائــــــــ منقول ـــــــــــعـــــــــــــة
يُروى أن فلاحاً أسكتلندياً فقيراً كان – ذات يوم – يسعى لتحصيل رزقه وقوت أسرته، وبينما هو كذلك، إذا به يسمع استغاثة طفل تأتي من مستنقع قريب!!
ترك الفلاح حقله وأدوات عمله وجرى نحو المستنقع؛ فوجد صبياً قد سيطر عليه الخوف، وقد غاص في وَحْلِ المستنقع،
وكان يستجمع قواه ويكافح، محاولاً إنقاذ نفسه، فأسرع الفلاح نحو الطفل، وأنقذه من هلاك محقق.
في اليوم التالي، كان الفلاح في بيته، وإذا بسيارة فارهة فخمة، تأتي وتقف أمام بيت الفلاح الفقير، وخرج من السيارة رجل أنيق، وطرق باب الفلاح وسلم عليه، وقدّم نفسه للفلاح، وعرَّفه بأنّه والد الطفل الذي أنقذه الفلاح أمس، وأنّه جاء ليشكره على حُسن صنيعه وشهامته في إنقاذ ابنه.
وبينما كان الرجل الأنيق والفلاح يتحاوران إذا بابن الفلاح يخرج من البيت، ويقف على باب الكوخ الذي يسكنه الفلاح وأسرته، فسأل الرجل الأنيق الفلاح: هل هذا ابنك؟ فأجابه الفلاح بفخر واعتزاز: نعم، إنّه ابني.
فقال الرجل الأنيق: أرغب أن أعقد معك اتفاقاً، هل تسمح لي؟ فأجابه الفلاح نعم، تفضل يا سيدي.
فقال الرجل: أرغب في أن أكافئك على معروفك، وأقترح أن أقدم لإبنك الخدمة التعليمية التي أقدمها لإبني، وأرجو أن تلبي رغبتي وتحقق مجلبي، فوافق الفلاح.
تبنى الرجل الأنيق رعاية ابنه وابن افلاح، وقدم لهما تعليماً متميّزاً في مدارس متميّزة، وظل يرعاهما، إلى أن تخرج ابن الفلاح من مدرسة الطب بمستشفى "سانت ماري" في لندن!!
هل تعرف – عزيزي القارئ – ابن الفلاح؟
إنّه مكتشف "البنسلين" "ألكسندر فلمنج" الطبيب المشهور!!
ولا تزال للقصة بقية..
فبعد سنوات أصيب ابن الرجل الأنيق بالتهاب رئوي،
فكان الطبيب ابن الفلاح "ألكسندر فلمنج" هو المنقذ له، وذلك باختراع "البنسلين"، ولم يكن الطبيب "فلمنج" منقذاً لإبن الرجل الأنيق فحسب، بل أنقذ باختراعه (البنسلين) ملايين البشر فيما بعد!!
ولكن.. هل تعرف – عزيزي القارئ – مَنْ هذا الرجل الأنيق؟
إنّه "راندولف تشرشل"، وقد كان رئيس وزراء بريطانيا الذي أنقذ بريطانيا من الهلاك والدمار في الحرب العالمية.
هل تعرف – عزيزي القارئ – مَنْ ابنه الذي أنقذه الفلاح من الوحل وأنقذه ابن الفلاح من المرض؟ إنه السير "وينستون تشرشل".
إنّ المعروف لا يضيع أبداً، وإن ضاع عند البشر فلن يضيع عند رب البشر،
وإنّ النظرة الإيجابية البعيدة للأمور هي الرصيد الحقيقي للإنسان.. ذلك الإنسان الذي يستثمر أية فرصة تسنح له لصُنع المعروف وتقديمه لمن يعرف ولمن لا يعرف.
وصدق رسولنا الكريم (ص) إذ يقول: "اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن صادف أهله فهو أهله، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله".