هل تعرف زهور الفل أو الياسمين أنها تعطّر الجو برائحتها أم لا تعرف؟ وإذا كانت تعرف، فلماذا تقدّم عطرها مجاناً للناس ليبيعه الناس ويشتروه بعد ذلك بغير أن تحصل هي على أي ربح أو عائد..؟
سؤال آخر
هل تعرف الأبقار وهي تقدم اللبن؟ أنها تنتج غذاء لا غنى عنه للبشر، أطفالاً كانوا أم شيخواً أم عجائز.
...سؤال آخر.
لماذا تمرض الحيتان و تلتوي أمعاؤها من الألم فيخرج من شلال القيح والصديد نبع صغير من العنبر.. هذه المادة السحرية التي تعين على الشيخوخة وتعتبر أغلى دهون هشة معطرة..
عندي كثير من هذه الأسئلة.
لست بورجوازيا من (تولوز)، كما يقول أنطوان دي سانت أكسوبري، إن البورجوازي عنده هو الرجل الآمن الذي لا يسأل نفسه سؤالاً بغير جواب
هناك آلاف الأسئلة بلا جواب، سوى هذا الجواب البسيط الممتنع- هكذا شاء الله
كيف يخرج العطر من طين الأرض.. كيف تخرج رائحة عذبة من رائحة قبيحة، وكيف يخرج اللبن من بين الدم والفضلات، إن اللبن هذا السائل المدهش الأبيض الذي لا يستطيع الإنسان أن يعيشبدون، سواء في طفولته أو شيخوخته أو ما بينهما..هذا اللبن هل تعرف من أي ينبوع يخرج.؟
من بين فرث ودم والفرث هو نفايات الطعام المهضوم، أم الدم فمعروق، ومعروف أيضاً أن أحداً لا يستطيع شربه أو استساغته..
لن أحدّثك عما في اللبن من غذاء أو فائدة أو فيتامينات، لن أقول لك: إنه غذاء كامل يستطيع المرء أن يعيض عليه وحده مد الحياة.. لن أحدثك عن هذا كله.
فقط أريد أن ألفت انتباهك إلى معجزة خروجه من بين نهري الفرث والدم..
كيف لا يتلّوث اللبن وهو يخرج من هاتين الحمأتين.. كيف لا يتلوث؟
كيف يخرج سائغاً طيّباً نقيّاً للشاربين؟
أليست هذه معجزة إلهية..؟ سبحان الله تعالى.
ما أعظم حيرتنا أمام آياته في الكون وفي أنفسنا.
وما أعظم رحمته بالبشر.
وما أدق أسرار لطفه بالكائنات.
لـــ أحمد بهجت
كتاب تأملات فى عذوبة الكون