قصيدة بعنوان" من قال أن النفط أغلى من دمي " لفاروق جويده

7
1

من قال إنّ النفط أغلى من دمي؟!

ما دام يحكمنا الجنون..

سنرى كلاب الصيد

تلتهم الأجنة في البطون

سنرى حقول القمح ألغاماً

ونور الصبح ناراً في العيون

سنرى الصغار على المشانق

في صلاة الفجر جهراً يصلبون

ونرى على رأس الزمان

عويل خنزير قبيح الوجه

يقتحم المساجد والكنائس والحصون

وحين يحكمنا الجنون

لا زهرة بيضاء تشرق

فوق أشلاء الغصون

لا فرحة في عين طفل

نام في صدر حنون

لا دين..لا إيمان..لا حق

ولا عرض مصون

وتهون أقدار الشعوب

وكل شيء قد يهون

ما دام يحكمنا الجنون

أطفال بغداد الحزينة يسألون ..

عن أيّ ذنب يقتلون

يترنحون على شظايا الجوع ..

يقتسمون خبز الموت..

ثمّ يودعون

شبح الهنود الحمر يظهر في صقيع بلادنا

ويصيح فيها الطامعون..

من كلّ جنس يزحفون

تبدو شوارعنا بلون الدم تبدو قلوب الناس أشباحاً

ويغدو الحلم طيفاً عاجزاً

بين المهانة..والظنون

هذي كلاب الصيد فوق رؤوسنا تعوي

ونحن إلى المهالك..مسرعون..

أطفال بغداد الحزينة في الشوارع يصرخون

جيش التتار..يدق أبواب المدينة كالوباء..

ويزحف الطاعون

أحفاد هولاكو على جثث الصغار يزمجرون

صراخ الناس يقتحم السكون

أنهار دم فوق أجنحة الطيور الجارحات..

مخالب سوداء تنفذ في العيون

ما زال دجلة يذكر الأيام..

والماضي البعيد يطلّ من خلف القرون

عبر الغزاة هنا كثيرا..ثم راحوا..

أين راح العابرون؟؟

هذي مدينتنا..وكم باغ أتى..

ذهب الجميع

ونحن فيها صامدون

سيموت هولاكو

ويعود أطفال العراق

أمام دجلة يرقصون

لسنا الهنود الحمر..

حتى تنصبوا فينا المشانق

في كل شبر من ثرى بغداد

نهر..أو نخيل..أو حدائق

وإذا أردتم سوف نجعلها بنادق

سنحارب الطاغوت فوق الأرض..

بين الماء..في صمت الخنادق

إنا كرهنا الموت..لكن..

في سبيل الله نشعلها حرائق

ستظلّ في كل العصور وإن كرهتم

أمة الإسلام من خير الخلائق

أطفال بغداد الحزينة..

يرفعون الآن رايات الغضب

بغداد في أيدي الجبابرة الكبار..

تضيع منّا..تغتصب

أين العروبة..والسيوف البيض..

والخيل الضواري..والمآثر..والنّسب؟

أين الشعوب وأين العرب؟

البعض منهم قد شجب..

والبعض في خزي هرب

وهنالك من خلع الثياب..

لكلّ جّواد وهب..

في ساحة الشيطان يسعى الناس أفواجا

إلى مسرى الغنائم والذهب

والناس تسال عن بقايا أمّة

تدعى العرب!

كانت تعيش من المحيط إلى الخليج

ولم يعد في الكون شيء من مآثر أهلها..

ولكل مأساة سبب

باعوا الخيول..وقايضوا الفرسان

في سوق الخطب

فليسقط التاريخ..ولتحيا الخطب!!

أطفال بغداد يصرخون..

يأتي إلينا الموت في الّلعب الصغيرة

في الحدائق ..في المطاعم..في الغبار

تتساقط الجدران فوق مواكب التاريخ..

لا يبقى منها لنا ..جدار

عار..على زمن الحضارة..أيّ عار

من خلف آلاف الحدود..

يطلّ صاروخ لقيط الوجه..

لم يعرف له أبداً مدار

ويصيح فينا: "أين أسلحة الدمار؟؟"

هل بعد موت الضحكة العذراء فينا..

سوف يأتينا النهار

الطائرات تسد عين الشمس..

والأحلام في دمنا انتحار

فبأيّ حق تهدمون بيوتنا

وبأي قانون..تدمر ألف مئذنة..

وتنفث سيل نار

تمضي بنا الأيام في بغداد

من جوع..إلى جوع....ومن ظمأ..إلى ظمأ

وجه الكون جوع..أو حصار

يا سيد البيت الكبير.. يا لعنة الزمن الحقير

في وجهك الكذاب.. تخفي ألف وجه مستعار

نحن البداية في الرواية.. ثم يرفع الستار

هذي المهازل لن تكون نهاية المشوار

هل صار تجويع الشعوب.. وسام عزّ وافتخار؟!

هل صار قتل الناس في الصلوات.. ملهاة الكبار؟!

هل صار قتل الأبرياء.. شعار مجد..وانتصار؟!

أم أن حق الناس في أيامكم.. نهب..وذلّ ..وانكسار

الموت يسكن كل شيء حولنا.. ويطارد الأطفال من دار..لدار

ما زلت تسأل: "أين أسلحة الدمار.؟"

أطفال بغداد الحزينة..في المدارس يلعبون

كرة هنا..كرة هناك..طفل هنا..طفل هناك

قلم هنا..قلم هناك..لغم هنا..موت..هلاك

بين الشظايا..زهرة الصبار تبكي

والصغار على الملاعب يسقطون

بالأمس كانوا هنا..

كالحمائم في الفضاء يحلقون

فجر أضاء الكون يوما.. لا استكان ولا غفا

يا آل بيت محمد..كم حنّ قلبي للحسين..وكم هفا

غابت شموس الحق .. والعدل اختفى

مهما وفى الشرفاء في أيامنا.. زمن "النذالة" ما وفى

مهما صفى العقلاء في أوطاننا.. بئر الخيانة ما صفى..

بغداد يا بلد الرشيد..

يا قلعة التاريخ ..والزمن المجيد

بين ارتحال الليل و الصبح المجنح

لحظتان .. موت و عيد

مابين أشلاء الشهيد يهتز

عرش الكون في صوت الوليد

ما بين ليل قد رحل.. ينساب صبح بالأمل

لا تجزعي بلد الرشيد.. لكلّ طاغية أجل

طفل صغير..ذاب عشقا في العراق

كراسة بيضاء يحضنها..وبعض الفلّ..

بعض الشعر والأوراق

حصالة فيها قروش..من بقايا العيد..

دمع جامد يخفيه في الأحداق

عن صورة الأب الذي قد غاب يوما..لم يعد..

وانساب مثل الضوء في الأعماق

يتعانق الطفل الصغير مع التراب..

يطول بينهما العناق

خيط من الدم الغزير يسيل من فمه..

يذوب الصوت في دمه المراق

تخبو الملامح..كل شيء في الوجود

يصيح في ألم : فراق

والطفل يهمس في آسى:

اشتاق يا بغداد تمرك في فمي..

من قال إن النفط أغلى من دمي

بغداد لا .. لا تتألمي..

مهما تعالت صيحة البهتان في الزمن العَمي

فهناك في الأفق يبدو سرب أحلام.. يعانق انجمي

مهما توارى الحلم عن عينيك.. قومي..واحلمي

ولتنثري في ماء دجلة أعظمي

فالصبح سوف يطلّ يوما.. في مواكب مأتمي

الله اكبر من جنون الموت .. والموت البغيض الظالمِ

بغداد..لا تستسلمي.. بغداد ..لا تستسلمي

من قال إن النفط أغلى من دمي؟!

 

إضافة منذ 14 عام
Hager
1080
غير محدد

التعليقات

Hager منذ 14 عام
بعتذر لو كانت القصيده طويله شويه بس أصلها عجبتني لدرجة اني محبتش أعرض جزء بس منها ودي دعوه مني اننا نرجع لقراءة الشعر والأدب من تاني وزي ما بنغذي البطون والعقول لازم نغذي الروح كمان.
عبد المنعم منذ 14 عام
مع ان التصوير والتعبير رائع الا ان بغداد استسلمت .. لكن لو كان الحاكم والشعب والجيش ايد واحدة ما كانت تستسلم بغداد ظززز ولا اى عاصمة عربية اخرى .. والستارهو الله ..
عبد المنعم منذ 14 عام
ظززز : نقرة على زر خاطئ .. لا مؤاخذة
زغباوية منذ 14 عام
+1 وانا معاكي فى الدعوة الى القراءة عموما علشان نغذى عقولنا
safaa منذ 14 عام
+1
hesham helmy منذ 14 عام
هى طويله فعلا بس دا فروق جويده
MaDa منذ 14 عام
حلوة يا جوجو 😞
عبد المنعم منذ 14 عام
ايه ياعم هشام ؟ طب ما ده كمان حافظ بتاع الكفتة !!!
الباشمهندسة منذ 14 عام
+1
hesham helmy منذ 14 عام
ههههههههه ماشى يا عمو
safaa منذ 13 عام
انت فيييين ياهشام.. دا انا كتبتلك شوية أسألة قانونية على الرابط:
http://www.zedony.com/index.php/article/view/id/4332
يالا رد عليها ياجميل
zedony.com - A mmonem.com production. Privacy Policy