الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرت كلمة (العروة الوثقى) في موضعين من كتاب الله تعالى، الأولى في سورة البقرة، قال الله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:256}، الثاني في سورة لقمان، قال الله تعالى: وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ {لقمان:22}، وهي في كلا الموضعين قد فسرت بعدة تفسيرات،
وقد بين السلف الصالح معنى العروة الوثقى بعبارات منوعة كلها تدل على مقصود واحد :
فقال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك : يعني لا إله إلا الله .
وقال أنس بن مالك : القرآن .
وقال مجاهد : الإيمان .
وقال السدي : هو الإسلام .
وعن سالم بن أبي الجعد : هو الحب في الله والبغض في الله .
وانظر هذه الأقوال في "تفسير ابن أبي حاتم" (2/496)
قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/684) :
" وكل هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها "
فقد فسرها بعض المفسرين بـ (لا إله إلا الله)، وقال آخرون هي الإيمان، وقال آخرون هي الإسلام، وقال آخرون هي القرآن، وكل هذه الأقوال لا تعارض بينها لأن من تمسك بلا إله إلا الله فقد تمسك بالإيمان والإسلام والقرآن، والمقصود أنه تمسك بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه وكان المتمسك به على ثقة من أمره لكونه استمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها أي لا انقطاع لها
التعليقات