ليس بالحب والحنان وحده ينمو طفلك نموا صحيا كاملا وتتكون لديه عناصر الصحة والقوة التي تظل معه العمر كله .. فأم هذه الأيام هي التي تبقي عينا مفتوحة وساهرة علي أطفالها داخل بيتها,
والعين الأخري علي مايحدث في العالم والجديد فيما يتعلق بصحة طفلها النفسية والجسمانية, والحفاظ علي صحة فمه وأسنانه, أمر ضروري يحتاج إلي وعي ومثابرة ومتابعة, مهما اتسعت دائرة معارف الإنسان ومهما زادت خبراته ومهما أبدي الآخرون حرصا علي مصلحته وأبدوا مشاعر الاهتمام والحب, لايعادل دور الأم ومكانتها شخص آخر,
فمع الأمومة, تبدأ المرأة مع طفلها علاقة حب وعطاء متدفق وفصولا من النبل وإيثاره علي ذاتها لا تنتهي سوي مع رحيلها عن الحياة. وبالرغم من كل هذا قد يبدر من الأم ما يناقض مثل هذا الحب غير المشروط وهذا الحرص علي مصلحة الطفل, ولكن في أغلب هذه الحالات يكون السبب هو عدم الإدراك بأبعاد المسألة. فمثلا, لاتستطيع الأم أن تتصور أن تكون سببا في مرور طفلها بتجربة من الألم المبرح شديد الحدة.
ولكنها لاتدرك أنها بإغفالها القواعد الأساسية مثلا للحفاظ علي صحة الفم واللثة والأسنان عند الطفل تؤدي الي حدوث هذا الأمر, وألم الأسنان لايستطيع وصف حدته وقسوته سوي من أحسه بنفسه. أغلب الأمهات يتصورن أن دورهن ينتهي عند تعويد الطفل في سن معينة غسيل أسنانه, ويغفلن أن الرعاية المطلوبة تبدأ منذ وجود الطفل في رحمها وبداية تكوين اللبنة الأساسية لأسنانه حيث لايزال جنينا وأن العامل النفسي له أهميته في تكوين عادات مستديمة ولايقل عن ذلك أهمية أن تعرف الأم أهم الأخطاء الشائعة والعادات الخاطئة الواجب الابتعاد عنها,
الي جانب الإلمام بما يستجد في طب أسنان الأطفال من جديد يهدف لوضع أساس لمستقبل خال من المشكلات في هذا الصدد, ويعلق علي أهمية هذه العناصر د. أسامة الشهاوي مدرس طب أسنان الأطفال بجامعة القاهرة وسكرتير الجمعية المصرية لطب أسنان الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة حيث يقول في هذا الصدد: البداية الحقيقية تأتي قبل مولد الطفل: من المعروف أن أسنان الطفل تبدأ في النمو في الثلث الثاني من العمل أي بين الشهر الثالث والسادس ومسئولية الأم الحقيقية عن قوة وصحة أسنان طفلها تبدأ قبل مولده وتحديدا في تلك المرحلة وهنا لايجب إغفال أهمية تناولها الأطعمة الغنية بالكالسيوم المهم لبناء الأسنان, ومن ذلك منتجات الألبان والصويا والنباتات ذات الأوراق الخضراء.
اهتمي بأسنانه حتي قبل أن تريها!: قد لاتكون واضحة رأي العين, ولكن داخل تلك اللثة الصغيرة يوجد لدي الطفل بعد ولادته عشرون سنا في انتظار أن تبدأ في رؤية النور في مرحلة التسنين المعروفة والتي تبدأ تقريبا في سن ستة أشهر حتي يبلغ عاما واحدا. أول مايظهر في الأغلب هو الأسنان الأربع في المقدمة وهنا يمكن أن تبدأ الأم ممارسة أول بادرة اهتمام بأسنان الطفل عن طريق تنظيف اللثة والأسنان ولو حتي بقطعة من القطن أو ما شابه لتطهيرها من البكتيريا ومنع تكون البلاك.
1ـ فلتكن أول رحلة لطبيب الأسنان في عيد ميلاده الأول: الزيارة الأولي لطبيب الأسنان في تلك المرحلة المبكرة هدفها الأساسي هو التأكد من عدم التسوس والتعرف علي احتياج الطفل من الفلوريدا وتناول الأسلوب الأمثل لتفادي أية ممارسات ضارة كمص الأصابع وما شابه.
2ـ تذكري: لا للمعجون قبل سن عامين: صحيح أن تنظيف اللثة والأسنان مهم منذ البداية, ولكن يجب أن يقتصر ذلك علي استخدام المياه فحسب قبل بلوغ الطفل سنتين, وبعد ذلك تتم الاستعانة بمعجون الأسنان, وبمقدار ضئيل للغاية لايتجاوز حجم حبة البازلاء وبالطبع تحت إشراف الأم حتي لايتم ابتلاعه.
3ـ علميه الأسلوب الأمثل لغسل الاسنان: الطفل يصبح قادرا علي غسيل أسنانه وحده وبشكل جيد في المتوسط في سن السادسة, تأكدي في هذه المرحلة وقبل ان يصبح معتمدا علي نفسه كلية أن يكون الأسلوب الأمثل والطريقة الصحيحة لغسيل الأسنان واضحة أمامه. انتقي له فرشاة ناعمة بشعيرات مستديرة الأطراف وبمقدار ضئيل من المعجون. أريه كيف يستخدم الفرشاة بشكل دائري وعلي كل أسطح اللثة والأسنان مرتين يوميا وبحيث لايتبقي الطعام مطلقا بعد الغسيل والمضمضة لكي لايتحول إلي الأحماض التي تتغذي عليها البكتيريا وتسبب التسوس.
4ـ لاتنسي مابين الأسنان: هناك مناطق مابين الأسنان تتراكم عليها بقايا الطعام لتصبح مادة خصبة لحدوث التسوس وهذه يصعب للغاية إزالتها بفرشاة الآسنان ويجب التعامل معها باستخدام الخيط الطبي floss المخصص لتنظيف هذه الأماكن, وفي حين يستخدمه البالغون كثيرا, هناك من يظن أنه لا داعي لاستخدامه في مرحلة الطفولة المبكرة وهو مفهوم خاطئ حيث يمكن تعويد الطفل علي استخدام هذا الأسلوب في تنظيف الأسنان منذ أن تبدأ أسنانه في التقارب والالتصاق ولا تصبح الفرشاة وحدها كافية.
5ـ اجعلي الرحلة إلي طبيب الأسنان ممتعة! الطفل ذكي بطبعه ويستطيع دائما أن يستشف طبيعة التجربة المقبل عليها من حيث والدته أو أسلوبها في الاستعداد لها.
من هنا يقع علي عاتقك أن تنقلي إلي طفلك الانطباع بأن شخصية طبيب الأسنان شخصية صديقة ومحببة للأسرة وكوني مثلا يحتذي أمامه في اهتمامك الشخصي بزيارة طبيب الأسنان ومتابعة صحة فمك.
6ـ كوني إيجابية ويقظة: تابعي بعقل متيقظ التطورات التي تطرأ علي مراحل نمو الأسنان وظهورها وماقد تتعرض له هذه المنطقة من مشاكل, كذلك يجب أن يكون ذهنك حاضرا لدي زيارة الطبيب مع طفلك وإعلامه بطبيعة صحته العامة وإذا ما كان يتناول عقاقير بشكل قد يتداخل مع مشكلة خاصة بالأسنان أو اللثة, كذلك احرصي علي ألا تغادري عيادة الطبيب إلا بعد أن تتمي فهمك الكامل لما تتطلبه عملية المحافظة علي فم الطفل ولا تتركي أي مساحة ضبابية في هذا الشأن.
7ـ لاتنسي تأمين الضروس الدائمة: مصطلح التغليف الدائم sealing هو من أهم النصائح التي نقدمها للأم فور ظهور الأسنان الدائمة وانتهاء هذه المرحلة, وهنا يتم وضع طبقة بلاستيكية تلتصق بثنايا مسطح الأسنان وتمنع نهائيا الإصابة بالتسوس.
8ـ تذكري أن السكريات هي العدو الأول للأسنان: حاولي قدر المستطاع تقليص مايتناوله طفلك من مواد سكرية وحلويات, وتندرج أيضا تحت هذه القائمة المطلوب تحديد استهلاكها كل من الوجبات السريعة والمشروبات الغازية.
9ـ ابتعدي عن الأخطاء الشائعة فيما يتعلق بالمشروبات: صحيح أن المشروبات السكرية الصناعية والغازية هي المتهم الأول والأكثر شيوعا, إلا أن المسئولية أيضا تطال بعض المشروبات الأخري التي تعد في ذاتها مفيدة وصحية ولكننا نسيء استخدامها فتتحول الإفادة الي ضرر محتمل, فمثلا العصائر الطبيعية والألبان ضرورة قصوي لنمو الطفل ولكن من الأخطاء الشائعة في هذا الصدد تعويد الطفل الرضيع علي النوم أثناء شرب الحليب,
أيضا يندرج تحت بند الأخطاء التي لا نتنبه لها في هذا الصدد السماح للطفل بتناول جرعات صغيرة كل حين وآخر طوال النهار من الكوب أو الزجاجة المخصصة له فتكون النتيجة هي تكوين طبقة سكرية بشكل دائم طوال ساعات النهار أو اليوم وهذا من شأنه المساعدة علي نمو البكتيريا والأحماض وهو مايعني الإصابة بالتسوس. لذلك ينصح بالسماح للطفل بتناول هذه المشروبات مع الوجبات وليس بينها.
10ـ خصصي له فرشاته الخاصة: من البديهي أنه من الخطأ أن يشترك الطفل مع غيره في استخدام فرشاة الأسنان أو غيرها من أدوات تنظيف الفم, لمنع نقل الأمراض, أو البكتيريا المسببة للتلوث عن طريق اللعاب, وهذا ينطبق أيضا علي استخدام الملعقة, وكوني أنت البادئة, فلا تستخدمي ملعقته لتذوق الطعام وإنما بادري بإحضار ملعقة أخري حتي يترسخ في ذهنه أهمية الخصوصية في هذا الصدد.
علي جانب آخر ساعدية علي خلق علاقة ود بينه وبين الفرشاة الخاصة به, فصحيح أنه في سن مبكرة يجب أن تشرف الأم علي الطفل أثناء عملية غسيل الأسنان للتأكد من إتمامها بشكل صحيح, إلا أنه من المهم أن تتركي له مساحة من الحرية مع استخدام الفرشاة, دعيها في يده فترة ودعيه يرتبط بها ويلعب بها ولا تستعجليه في هذا الصدد حتي تصبح المسألة ممتعة بالنسبة إليه.
------------------------------------------ ( منقول )