السيسي_زعيمي_وأفتخر .. لماذا؟

2
0
من السهل أن تكتسب الشعبية، الوصفة بسيطة: قدم للناس وجبة يومية من اللغة الحنجورية، حزمة من الشعارات والوعود البراقة، ثم قم بإدارة ما تتحمله من مسؤولية بطريقة يوم بيومه، وستجد من يدعمك بمخزون تراثنا الشعبي الأصيل: "عيشني النهارده وموتني بكرة".

يمكن أن تفعل ذلك، لخداع جمهورك بعض الوقت، لكن لن تستطيع خداعهم طوال الوقت، لأن تلك السياسة الخادعة، لا يمكن لها أن تبني مؤسسات، ولا أسرًا، فما بالك بالدول.

يمكن لرب عمل أو مرشح أن يفعل ذلك، لكن رب الأسرة لا يستطيع أن يخدع أبناءه، فلن تجد أبًا حكيمًا، يخطط لمستقبل أفضل لأبنائه وأحفاده، يمنحهم جرعات يومية حنجورية، بل ستجده يُصارحهم، يقسو أحيانًا علي غير المجد منهم، يدير موارد الأسرة بما يراه مناسبًا، أملًا في أن يحقق لهم مستقبلًا أفضل.

تحمل الرئيس عبدالفتاح السيسي، مسؤولية حُكم مصر في لحظة فارقة، كانت الدولة المدنية مهددة في هويتها، والدولة المؤسسية تهتز أركانها، تحت وطأة المؤامرات، والضربات الإرهابية المخططة والممولة من أعتى الأجهزة المخابراتية.

هل تذكر كيف كان أهم مؤسسات الدولة عمودها الفقري، جيشك الذي حرر أرضك وحمى عرضك، في 6 أكتوبر، العاشر من رمضان 1973، مستهدفًا في أخطر معركة استنزاف، بدأت في 2012 ومستمرة حتى الآن.

أظنك تذكر إذا لم تكن من مرضى "الزهايمر"، أو من اللا مبالين بشيء، سوى مصالحهم الشخصية، أظنك تذكر - وليس كل الظن إثمًا- مذبحة رفح الأولى، هؤلاء الجنود البواسل، الواقفين على ثغور الوطن، هناك على الشريط الحدودي بين مصر والكيان الصهيوني، بالقرب من معبر كرم القواديس.

هؤلاء الصائمون الذين ما اقترفوا إثمًا ولا جريرة، إلا إذا كان الغادرون بهم يرون تلبية نداء الوطن، والسهر على حماية ثغوره جريمة!

هؤلاء الـ16 شهيدًا الذين استغلت يد الغدر انشغالهم بالاستعداد لتحضير إفطارهم مع أذان مغرب اليوم السابع عشر من رمضان 2012، يومها ارتقى الأبطال لخالقهم، شهداء لكن الجرم كشف عن نوايا خبيثة ومخطط لا يزال مستمرًا.

تذكرون هذا الحادث والتاريخ، لم يكن الرئيس السيسي يومها رئيسًا، ولا وزيرًا للدفاع، كان الإخوان ومن والاهم ومن يدفع بهم من الخارج، يستعدون للقفز على الحكم.

وصل المتأسلمون للحكم، فإذا بأعوانهم يخطفون جنودًا كانوا في طريق عودتهم لأسرهم لقضاء إجازة، عزل، تذكرون يوم أن قال رئيس مصر حينها محمد مرسي: "حافظوا على أرواح المخطوفين والخاطفين"، هذا جاء في بيان رئاسي!

وخلال ذلك العام لم يكن الجيش وحده مهددًا بالاختراق الإخواني، بل مؤسسات الدولة كلها، بما فيها الجمعيات الأهلية في القرى والمحافظات، كانت مصر كلها مستهدفة، لتغيير هويتها وتحويلها إلى: "جمهورية مصر الإخوانية".

شعر الشعب بأنه مُهدد في هويته، ومؤسسات دولته، لعلك تذكر ضباط الشرطة الملتحين، ومهدد أيضًا في حياته ومعيشته، قد تسعفك الذاكرة، لتستعيد مشاهد طوابير البشر ومعاناتهم أمام محطات البنزين، والكهرباء التي تذهب في ظروف غامضة، فإذا برئيس البلاد حينها، يتقمص دور المفتش "كرومبو"، ويأتي لنا بالخبر اليقين، وجدتها: "الواد عاشور بيدفع عشرين جنيه للعامل ينزل السكينة"!! أكيد فاكرين، حصار الكاتدرائية وحرق الكنائس، وحصار المحكمة الدستورية!

تذكرون عندما قال الشعب "لا"، فقال الإرهاب للإخوان: "نعم"، فبدأت الاستهدافات تزداد برحيل نظام الإخوان، وجاءت مذبحة رفح الثانية: 19 أغسطس 2013، بعد أقل من شهرين من 30 يونيو، الثورة التي أطاحت بحكم التنظيم الدولي، يوم أن أوقف عادل حبارة البائع المتجول، الذي عبث الإرهابيون بعقله، فقاد قطيعًا من الإرهابيين، لاعتراض حافلتين تحملان شبابًا أعزل، أنهى للتو خدمته العسكرية، عائدًا لحياته المدنية.

25 شهيدًا من شباب مصر، ذبحوا بدم بارد، كان لكل منهم حُلم، ولكل منهم أهل وأحباء في انتظاره، ولست في حاجةلأن أذكركم، كيف كان القضاء مستهدفًا في ظل حكمهم، وبعد رحيلهم، أتذكرون الشهيد هشام بركات النائب العام المصري؟

يروي الشيخ حسن خلف، شيخ المجاهدين في سيناء، كيف اكتشف حقيقة هؤلاء، عندما وجد سيارات من الرئاسة المصرية، وبها الشيخان السلفيان ياسر برهامي ومحمد حسان، ومساعد مرسي، تحضر إلى سيناء للقاء الإرهابيينخاطفي الجنود.

كان بإمكان الرئيس السيسي، أن يُسخر جهود الدولة لمكافحة الإرهاب واستعادة الأمن، وتوفير السلع والخدمات فقط، وكان هذا الإنجاز يكفيه، كان بإمكانه أن يواصل سياسة الاقتراض لسد رمق البطون، ويخرج كل فترة يطلق بعض القذائف الحنجورية ليهلل له المُهللون، ويكسب مساحات إضافية من الشعبية.

فقد فعلها رؤساء من قبل، هناك من قال سنرمي إسرائيل في البحر، وهلل الشعب، ليستيقظ على هزيمة يونيو 67، وفقدان الأرض، وهناك من صارح بالجرح، وناور، ومارس الخداع الاستراتيجي، فخرجت ضده المظاهرات، وسخرت منه النكات، وتألم الشعب مما اتخذه من إجراءات، لكن الشعب استيقظ على انتصار واستعادة الأرض والكرامة في أكتوبر 73.

لكن نبهتنا حكمة الحكماء، إلى أن من يخلد للفشل يبحث دائمًا عن المُبررات، ومن يبحث عن النجاح يخلق البدائل، كان بإمكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن ينزل بسقف الإنجاز إلى حد تحسين مصادر الكهرباء، والوقود، وتوفير الأمن والاكتفاء بالحرب ضد الإرهاب، ويبرر ذلك بأن البلد في حرب مع الإرهاب، ولم يكن بالإمكان أفضل مما كان.

ولم يكن سيلام، فبالمقارنة بسابقيه، سيكون حقق إنجاز عودة الكهرباء، والقضاء على الطوابير، وقطع أيدي الإرهاب، الذي تراجعت عملياته لحدودها الدنيا وتباعدت مسافاتها.

لكنه، أبى أن يدخر جهدًا، ولم يسمح له ضميره بخداع شعبه، لم يرحّل المشكلات لمن يأتي بعده، أبى أن يظل ساكنو العشوائيات يعانون قسوة العيش والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، وفر لهم السكن اللائق، فغابت ظاهرة سكان القبور، ومن كانوا يدفنون أسفل انهيارات صخور الدويقة وغيرها.

شرع في مشروعات قومية، طرق واستصلاح أراضٍ، ومزارع سمكية، ومحطات للطاقة الكهربية والنووية والشمسية، وتنمية الثروة البترولية، ومشروعات إيصال الغاز لملايين المساكن، فكان لا يعلن عن مشروع إلا يوم افتتاحه.

وعد بسكن لكل من يطلب، وتوسع في مشروعات الإسكان، فحصل ملايين الشباب على وحدات سكنية، تُسدد بالتقسيط، عمل على تفريغ الكثافة السكانية، من خلال إنشاء 14 مدينة جديدة، تحقق عدالة التنمية في كل محافظات مصر، بعد أن كانت الأقاليم مهملة.

الجيش الذي استهدفه أعداء مصر بمخالب الخونة، تعاظمت قدراته، وأسلحته وعتاده، من طائرات رافال وحاملات طائرات وغواصات، وغيرها، قهر الجيش المصري عدوه، وبات له يد طولى، تذكرون يوم ذبح الأوغاد أبناءنا في ليبيا، يوم صوروا مشهد الذبح بمعدات وإخراج هوليوودي، يومها نامت أعين البعض منا كمدًا، وهناك من لم يستطع النوم، لكن لم يبزغفجر اليوم التالي، إلا وكانت مصر آخذة بالثأر.

كان من السهل توفير تلك النفقات، التي تطلبتها المشروعات، وغيرها من الإنجازات، حتى يشعر المواطن بحياة أكثر رفاهية، يومها كان الجميع سيصفق للرئيس، باستثناء قلة يعلمون حقيقة الرفاهية الكاذبة، يعلمون أنها 330 مليارًا، عجز موازنة، تُسدد من قروض خارجية، يعلمون أن الرفاهية الحقيقية، تأتي من زيادة الدخل العام للدولة، الناتج عن إنتاج حقيقي وليس اقتراضًا.

بعيدًا عن المصطلحات الاقتصادية، مصر مثل رب أسرة، أب مثل أي أب، لديه أبناء، نفقات الأسرة 5 آلاف شهريًا، والرجل دخله ألف جنيه فقط، لكنه يوفر لأبنائه حياة الرفاهية، فسح وأكلات وملابس، هم سعداء لكن لا يعلمون، من أين يأتي الرجل بنفقاتهم، الرجل يأتي بها من خلال السلف والدين من الأصدقاء تارة، والاقتراض من البنوك تارة أخرى، تتراكم عليه الديون، وما يحصل عليه يدفع ضعفه فوائد، يقترض ليسد القرض السابق، يستلف من محمد ليسد دينه لدى أحمد أو مينا.

تمر بعض الأعوام في رغد كاذب، حتى تأتي المفاجأة مع أول صدمة، لتكتشف الأسرة أنها بلا مورد دخل حقيقي يغطي ما كانت فيه، وقد يكون ساكناإيجارًا فيظل أبناؤه في الإيجار.

وهناك رجل آخر يصارح أسرته، بأوضاعهم يتحركون في حدود استطاعتهم، ويعملون سويًا على تنمية مواردهم، شغل إضافي أو تحويشة لافتتاح مشروع، فسرعان ما يتبدل الحال، وينتقل من الإيجار للتمليك، وتبدأ الرفاهية الحقيقية، تعم على الأسرة، لتوافر مصادر دخل دائمة حقيقية، لا سلف وقروض.

هكذا صارح الرئيس شعبه، فهو الراعي المسؤول عن رعيته، قال: "تحملوا معي"، حارب الفساد، حث الأثرياء على مساعدة الدولة في تخفيف أعباء الفقراء، ليس أدل على ذلك من مشروع القضاء على العشوائيات، وسداد ديون الغارمين والغارمات لإنقاذهم من ظلمة السجون، حارب فيروس "سي"، الذي كان ينهش الأكباد، قضى على طوابير انتظار الموت، فكان الموت أقرب للفقير، الذي يتآكل كبده من أن يصل لجرعة علاج.

أطلق مبادرة تكافل وكرامة، 17.5 مليار توجه لـ10 ملايين مواطن مستحق، زيادة في المعاشات، وبطاقة التموين، شهادة أمان، والتأمين على عمال اليومية، جميعها إجراءات تحمي الفقراء وتحقق العدالة الاجتماعية.

واجه الرئيس عبدالفتاح السيسي المرض، سعى إلى تصحيح منظومة الدعم، فرجل الأعمال يحصل على البنزين بنفس سعر المواطن البسيط، والثري لديه أسطول سيارات سواء ملاكي، أوتعمل في شركاته لنقل العمالة والبضائع، كل لتر مدعوم بـ 10 جنيهات على الأقل، تستهلك سيارات الثري في مجملها قرابة 250 لترًا يوميًا، -بفرض أن لديه خمس سيارات-، تدعمه الدولة بـ 2500 جنيه يوميًا، بما يعادل 75 ألف جنيه شهريًا، تقترض الدولة لتدعم وقود ملاك المصانع والأثرياء، بينما المواطن البسيط، يحصل على دعم في مجمله خبز وتموين وكهرباء وغاز، ألف جنيه للأسرة الصغيرة

وبسبب استنزاف ميزانية الدولة في دعم يذهب للأثرياء، تعجز الدولة عن توفير مقعد يليق بابنك في المدرسة، أو سرير في غرفة عناية مركزة، أو حضانات للمواليد المبتسرين، فيمرض عزيز عليك تذهب تبحث عن سرير عناية لا تجده في مستشفى عام، فتجبر على البحث عنه في مستشفى خاص، فتدفع في ثلاث ليالٍ 30 ألف جنيه.

لا يحصل ابنك على رعاية في المدرسة الحكومية، فتدفع الآلاف في الدروس الخصوصية، كنت وما زلت تفعل ذلك، وأنت مغيب، سعيد بأن سعر البنزين والسولار لم يتغير، لكن الحقيقة أنك تدفع أضعاف الدعم، تدفع لمالك المستشفى الخاص، الذي حصل منك على 10 آلاف في اليوم بليلة، بينما هو يحصل على وقود سيارته بالسعر الذي تحصل أنت وسائق التاكسي عليه، سيارات المستشفى الخاص تحصل على الوقود المدعم.

ببساطة الدولة المصرية، تصحح هذه المنظومة الفاشلة، تقلص دعم المحروقات، لتوفير الدعم الذي كان يحصل عليه من لا يستحق، وما ذكرته أمثلة فقط، لتعود هذه الأموال لك أنت وغيرك من البسطاء ومحدودي الدخل، في شكل تحسين الأجور والمعاشات، وإصلاح وتطوير المستشفيات العامة، حتى تجد سريرًا يوم تحتاجه، وحضانة بالمجان لطفلك، فتوفر آلاف الجنيهات تدفعها في العيادات والمستشفيات الخاصة، والدروس الخصوصية.

إجراءات الدولة
قال الرئيس بصراحة: "أتحمل مسؤولية كل قرار يتخذ، لن استخبى أو ألقي بالمسؤولية على أحد"، مؤكد أن الرئيس يقول ذلك وهو يعلم أن كل إجراء إصلاحي مؤلم سيؤثر على شعبيته، ويقينًا لا يوجد رئيس مُنتخب يضحي بجزء من شعبيته، إلا إذا كان الهدف أسمى والثمن أغلى، وهل هناك أغلى من إصلاح حقيقي للوطن، تحويله لوطن منتج، يذهب الدعم فيه لمستحقيه، يأكل من ثمار إنتاجه، لا من الإعانات والقروض.

أثق في أن مصر، إن شاء الله، ذاهبة إلى الأفضل، إلى جني ثمار الإصلاحات والمشروعات، يومها سيشعر المواطن بأنه ينتقل تدريجيًا لجودة حياة حقيقية، لا مسكنات وهمية، يومها سيعلم من تألم ليوم حقيقة ما فعله الرئيس لأجل الوطن، ومستقبل أبنائه.


 

إضافة منذ 6 عام
safaa
50518
غير محدد

المصدر

بوابة روز اليوسف الإخبارية 2018

التعليقات

لا يوجد
zedony.com - A mmonem.com production. Privacy Policy