#بيــــــان
السفير د. #بشار_الجعفري
المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية
أمام
مجلس الامن
الحالة في الشرق الاوسط نيويورك في 7/11/2017
السيد الرئيس،
الشكر لكم على عقد هذه الجلسة الهامة والشكر موصول للسادة الزملاء الذين أظهروا بجلاءٍ النواقص والعيوب التي شابت استنتاجات التقرير قيد النظر. لقد استوقفني ما ورد في احاطة السيد موليه من أن الولاية المناطة به وبألية التحقيق المشتركة للتحقيق بما جرى في خان شيخون هي مسألة ليست سياسية. هو قال أن هذه المسألة ليست سياسية، والمفارقة الغريبة في نفس الإحاطة، هي أن السيد موليه، اعتبر أن استخدام الكيماوي في خان شيخون هو ممارسة للإرهاب الكيماوي. وسؤالي للسيد موليه وللسادة أعضاء المجلس، هو الآتي: منذ متى يعتبر الإرهاب الكيماوي، مسألة فنية بحتة غير سياسية. إن القول بأن ولاية آلية التحقيق هي فنية بحتة، في معرض العمل في مشهد أو في بيئة سياسية، كما أسماها صديقي العزيز سفير أثيوبيا، بيئة سياسية معقدة، هذا القول، هو أشبه بقول بعض التلاميذ الكسالى في المدرسة بأن الاهتمام بالرياضة فقط كاف للنجاح في المدرسة، وأنه لا حاجة لدراسة بقية المواد الدراسية الأخرى. كيف يمكن لرئيس آلية التحقيق المشتركة أن يقول بأن المعلومات ذات الصلة باستخدام المجموعات الإرهابية للمواد الكيماوية، وتهريبها عبر دول الجوار، وهي المعلومات، التي قدمتها حكومة بلادي له، ولبعثة تقصي الحقائق قبله، وللجان مكافحة الإرهاب قبلهما، وللجنة القرار 1540 قبل كل هؤلاء، ولمجلس الأمن بكامله. يوجد 130 رسالة حول استخدام الكيماوي في سوريا، وتهريب السلاح الكيماوي من دول الجوار، 130 رسالة.... كتاب... قدمناها في الفترة من 6/11/2012 الى 6/11/2017، خمس سنوات بالضبط، كلها تتعلق بالاستخدام الكيماوي من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة في بلادي. ثم يأتي السيد موليه، ويقول بأن كل هذه الجرائم، التي نقلناها له وذهب ضحيتها ألاف السوريين، هي مسألة فنية بحتة، هي مسألة ليست سياسية، وبالتالي خلت احاطته من أي فهم للمشهد السياسي المعقد في بلادي. لا يمكن أن تكون ولاية آلية التحقيق المشتركة فنية، هذا الكلام غير مقنع.
السيد الرئيس،
قال مكيافيللي، الذي جاء من بلادكم، قبل خمسمائة عام تقريباً "لا علاقة بين السياسة والأخلاق"، هكذا قال مكيافيللي. وكأني أراه يقرأ اليوم حال سلوك حكومات بعض الدول التي تدّعي الأخلاق وتُنصب نفسها وصياً على احترام أحكام القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، في الوقت الذي تُمارس فيه، هذه الحكومات، سياسات تزدري من خلالها هذه المبادئ النبيلة وتُسيء استخدامها لتحقيق أجنداتها التدخلية التدميرية.
وكأني أرى مكيافيللي، يقرأ اليوم أيضاً، حال سلوك بعض لجان الأمم المتحدة، التي يُفترض فيها الحيادية والمهنية والمصداقية، في الوقت الذي أثبت عملها وتقاريرها على أنها لجان منحازة ومُسيّسة ولا أخلاقية، وتبرع في عملها باستخدام شهود زور، ومصادر تسميها مفتوحة، وأدلة مفبركة، وهذا هو حال بعثة تقصي الحقائق، وآلية التحقيق المشتركة التي نناقش تقريرها اليوم. وهو التقرير الذي سأثبت لكم الآن بالأدلة العلمية والقانونية على أنه تقرير غير حيادي ولا مهني، وبنى اتهاماته الباطلة لسوريا على عملية فبركة الأدلة والتلاعب بالمعلومات، وعلى استخدام عبارات ماكرة ومصطلحات غامضة لا يجوز لتقرير جنائي أن يستند في اتهاماته اليها. وارجعوا، أيها السادة معي الى التقرير، لكي تحصوا كم مرة استخدم التقرير كلمتي "من المرجح" و "من غير المرجح" Likely أو Unlikely في معرض مناقشة أدلة علمية لا يجوز أن تحتمل سوى اليقين. سأوفر عليكم الجهد، فقد استخدمت هاتان الكلمتان في التقرير 32 مرة، ومع ذلك، لم تجد قيادة الآلية غضاضة في استخدام كلمة "واثقة" Confident في استنتاجاتها لتوجيه الاتهام لسوريا في حادثة خان شيخون، وذلك على الرغم من أن التحقيق الذي جرى هو تحقيق جزئي تجاهل وتلاعب بالأركان الرئيسية الثلاث لأي تحقيق جنائي.
السيد الرئيس،
اسمحوا لي في هذا الصدد أن أشير الى ما يلي:
أولاً- أورد تقرير الآلية في الفقرة /54/ منه أن سوريا لم توافيها بنتائج التحقيق الداخلي الذي تمَّ إعلامها بفتحه من قبل اللجنة الوطنية السورية، هكذا جاء في هذه الفقرة، وهنا أوجِّه السؤال مباشرةً إلى السيد موليه الذي يجلس الى جانبي، وهو يرسم الدوائر الواحدة تلو الأخرى: "ما هي إذاً الوثائق التي سلَّمتُك إياها باليد في لقائنا بمكتبك بتاريخ 16 آب المنصرم؟"
أيها السادة،
في الصباح الباكر من ذلك اليوم، أي في 16 آب المنصرم، التقيتُ بالسيد موليه بناء على طلبي، في مكتبه وبشكلٍ عاجل، من أجل تسليمه نسخةً من "تقرير لجنة التحقيق الوطني السورية في حادثة خان شيخون"، وأبلغتُهُ، أنا شخصياً، أنه هو المسؤول الأممي الوحيد الذي يملك نسخةً من هذا التقرير.
ثانياً- أورد التقرير عدة مرات، أن تنظيم "جبهة النصرة" هو الذي يسيطر بشكل رئيسي على مدينة خان شيخون، بما يشمل مسرح الجريمة. إذاً، فالتقرير يقول صراحةً، أنّ من أعد الأدلة وفبركها ونقلها الى تركيا، هو تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، وأنّ من قدّم العينات المزعومة الى الاستخبارات الفرنسية والبريطانية والتركية والأمريكية هو تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، وأن من قدّم شهود الزور في "غازي عنتاب التركية" هو تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، وأن من أعدّ مسرح الجريمة ثم طمره وتلاعب به هو تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي. فهل يُعقل بعد كل هذا وذاك، أن تكون قيادة الآلية مُطمئنة وواثقة من أن النتائج التي وصلت إليها، بناءً على ما يسمى سلسلة حفظ الأدلة والعهدة، أي Chain of custody، لم يتم التلاعب بها من قبل جبهة النصرة المصنفة من قبل مجلسكم كتنظيم إرهابي؟ تنظيم جبهة النصرة الإرهابي لديه مصداقية عند السيد موليه أكثر من الحكومة السورية.
ثالثاً- أشار التقرير في الفقرة التاسعة من الملحق الثاني إلى قيام جبهة النصرة والجماعات المتحالفة معها في 21 آذار ٢٠١٧ بشن هجوم على القوات السورية في اتجاه مدينة حماة، و قال التقرير: أن الجيش السوري استعاد السيطرة وتوغل حتى تاريخ 3 نيسان 2017 إلى مسافات أعمق في المناطق التي كان قد خسرها، أي قبل يوم واحد من وقوع حادث خان شيخون. والسؤال المطروح للجميع، إذا كان الجيش السوري يُحقق الانتصارات الحاسمة تلك كما ورد في التقرير، وبات على مشارف مدينة خان شيخون قبل يوم واحد من الحادث، مدينة خان شيخون التي يسيطر عليها تنظيم جبهة "النصرة الإرهابي"، فلماذا افتعال هذه الجريمة مع تداعياتها المعروفة للجميع؟ لماذا استخدام الكيماوي؟ ومن هو المستفيد الحقيقي منها؟ إن المستفيد الوحيد هو تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، وحكومات الدول التي توجه الاتهام للحكومة السورية، وذلك بهدف عرقلة تقدم الجيش السوري ضد الإرهابيين المُعدلين وراثياً ليصبحوا "معتدلين" كما يحلو لرعاتهم تسميتهم. البعض يعتبر جبهة النصرة هي إرهاب معتدل.
رابعاً- لماذا لم تقم بعثة تقصي الحقائق وآلية التحقيق المشتركة بزيارة خان شيخون، أي زيارة "مسرح الجريمة"؟ وهل يمكن إجراء تحقيق في جريمة ما، عن بُعد، على طريقة Play Station دون زيارة موقع الجريمة؟ علماً أن إدارة الأمن والسلامة في الأمم المتحدة، كما قال زميلي مندوب الاتحاد الروسي، قد أكدت إمكانية القيام بهذه الزيارة. وأذكركم هنا بأن نهج عدم زيارة موقع "مسرح الجريمة" ليس بجديد على مثل هذه الآليات، فحتى هذه اللحظة لم تستجب الأمم المتحدة بعد للطلب الذي كانت الحكومة السورية قد قدمته بتاريخ 22 حزيران 2013 للتحقيق بجريمة استخدام المجموعات الإرهابية المسلحة للمواد الكيميائية في "خان العسل"، على الرغم من ايفاد بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، للدكتور سيلستروم للتحقيق في تلك الجريمة، خمس سنوات ولم يتم بعد التحقيق بما جرى في خان العسل، خمس سنوات.
خامساً- لماذا سارع تنظيم "جبهة النصرة" الذي يسيطر على خان شيخون إلى تغطية الحفرة بالإسفلت؟ ولماذا تلاعب بـ “مسرح الجريمة"؟ إذا لم يكن لدى رعاة هذا التنظيم الإرهابي ما يخفونه، لكان حرياً بهم تسهيل التحقيق ومنع التلاعب بمسرح الجريمة.
سادساً- لماذا لم تقم آلية التحقيق المشتركة بجمع العينات من قاعدة الشعيرات الجوية، التي ادّعت الإدارة الأمريكية أنها كانت منطلقاً للهجوم الكيميائي؟ والمفارقة العجيبة في هذا الأمر، أن السيد موليه أعلمني بنفسه، أنه هو الذي اتخذ القرار بعدم الذهاب الى خان شيخون، وأنه هو الذي قرر بأنه ليس من اختصاص الآلية أخذ عينات من مطار الشعيرات.!!!! والسؤال الهام جداً الذي أطرحه عليكم، أيها السادة، هو معرفة الدافع الذي حدا بالسيد موليه لاتخاذ قرارات خطيرة كهذه تؤثر على مصداقية استنتاجات الآلية؟!
إن هذه الأسئلة كلها، أيها السادة، لا بد وأنها كانت سُتثير حفيظة "هتشكوك" البريطاني نفسه.
سابعاً- أشارت الآلية في الفقرة 30 الى حصولها على معلومات تتضمن تفاصيل عن وجود طائرة تبعد ٥ كيلومترات عن خان شيخون، والى أن الخبير الذي استشارته الآلية قد خلص إلى أنه من الممكن، اعتماداً على عدد من المتغيرات، مثل الارتفاع والسرعة ومسار التحليق المتخذ، من الممكن إسقاط قنبلة جوية من هذا القبيل على البلدة من المسافة سالفة الذكر. وعلى الرغم من أنه لا يمكن من الناحية التقنية لطائرة سو-22 توجيه ضربة إلى البلدة، وفق المسار الذي حددته الآلية، فإن الخبير الذي استشارته الآلية، قد استخدم عبارة ماكرة ومُضللة وغير حاسمة، قائلاً واقتبس: "أنه من الممكن"، عدنا لـ Likely و Unlikely من المرجح ومن غير المرجح، توجيه الضربة، فهرعت الآلية لاعتماد استنتاجه هذا، أحد الخبراء قال لهم من الممكن، فالآلية اعتمدت مباشرة ودون نقاش كلامه.
ثامناً- أشار التقرير في الفقرة 41، وأقتبس " بحثت الآلية أيضاً إمكانية أن تكون الحفرة ناجمة عن جهاز متفجر يدوي الصنع، وفي حين لم تستبعد هذه الإمكانية تماماً"، انتهى الاقتباس. فهل لقيادة الآلية أن تفسر لنا ولكم، كيف لا تستبعد إمكانية أن تكون الحفرة ناجمة عن جهاز متفجر يدوي الصنع، وفي نفس الوقت تقول إنها واثقة بأن الحفرة ناتجة عن القاء قذيفة جوية، كيف يستوي هذا مع ذاك، كيف يستوي هذان الادعاءان.
تاسعاً- أشار التقرير في الفقرة 45 الى أن أحد الأدلة التي استند اليها في توجيه الاتهام للحكومة السورية هو أن عينات السارين قد أُنتجت من السليفة الكيميائية المستمدة من المخزون الأصلي للجمهورية العربية السورية، وأسموها سليفة DF. وهنا أيها السادة، اسأل قيادة الآلية أمامكم، لماذا الإصرار على تضليل كل من يقرأ التقرير، من خلال الإيحاء بأن هذه العينة ترقى لأن تكون بصمة DNA لا يمكن تصنيعها إلا من قبل الحكومة السورية؟ مع العلم أنه يمكن لأي مخبر غربي مختص أن يُصنّع مثل هذه العينة. هل هذا يعني أنه لا يوجد سوى العلماء السوريين القادرين على تصنيع هذه العينة. أذكركم أيها السادة، بأن المخزون الكيميائي السوري قد تم اتلافه على متن السفينة الأمريكية MV-CAB RAY في البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي فإنه من المرجح أن تكون الجهة التي أتلفت هذا المخزون قد قامت باستبقاء جزء منه لديها، أي إنهم غير قادرين على صناعة ما صنعه علماؤنا، سليفة DF هذه ماركة سورية بحتة، لا يستطيع أحد تصنيعها، فقط العلماء السوريين قادرين على ذلك، الأمريكان لا يستطيعون صنعها، ولذلك قد يكونوا قد استبقوا على جزء من المخزون السوري الذي كانوا مؤتمنين على تدميره في البحر الأبيض المتوسط، العلماء الأمريكيون يتعلمون من علماؤنا في الكيمياء.
عاشراً- ألا يدل عدم وجود ذيل القذيفة في مسرح الجريمة وفقاً لما أشارت اليه الفقرة 58، على أن هناك جهة ما تلاعبت به من خلال الايحاء بأن قذيفة تم إلقاؤها من الجو، آخذين بعين الاعتبار أن الآلية نفسها قد قالت إن عدم وجود Chain of custody للبقايا الموجودة يُفقدها قيمتها الاثباتية. ومع ذلك، لم يمنع هذا الشك الآلية من الجزم بأن الحادث نتج عن إلقاء قذيفة من الجو.
أحد عشر-أشار التقرير في الفقرات من 74 إلى 79 إلى وجود تضارب في المعلومات، وشهادات الشهود، وإجراءات غير مألوفة أو غير ملائمة، هكذا ورد في التقرير. وأشير هنا فقط، الى مثال واحد، للاستدلال على حجم التلاعب، وهو ما ورد في الفقرة 78 بأن تحليل الدم في العينة رقم 13 قد بيّن عدم وجود السارين أو مادة شبيهة بالسارين فيها، في حين أن تحليل عينة البول، لنفس الشخص، قد بيّن أنها تحتوي على هذه المادة، وأن الخبراء الطبيين الذين استشارتهم الآلية قد قالوا: بأن الجمع بين النتيجة السلبية في الدم والنتيجة الإيجابية في البول مستحيل علمياً. ورغم كل هذه التناقضات، فإن التقرير يعترف بأن قيادة الآلية لم تبذل أي جهد لمعرفة أسباب هذه التناقضات، في حين أن السبب واضح، ويعود الى سيناريو التلاعب بالأدلة والمعلومات لتوجيه الاتهام للحكومة السورية. تماماً مثلما حصل في استنتاجات قيادة الآلية السابقة في تقريريها الثالث والرابع. وهي الاستنتاجات المضللة التي تم توظيفها من قبل الإدارة الأمريكية، والبناء عليها للعدوان على قاعدة الشعيرات الجوية.
أيها السادة، إنني أدعوكم إلى إعمال المنطق والمحاكمة الرشيدة، والسعي للحصول على إجابات واضحة وحقيقية للأسئلة التي طرحتها، التي طرحها بقية الزملاء.
السيد الرئيس،
إن بلادي سورية تُعيد التأكيد على أنها التزمت باتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية نصاً وروحاً، وأنه لم يعد لديها أي مواد كيميائية سامة محظورة بموجب الاتفاقية منذ انضمامها اليها في العام 2013، الأمر الذي أكدته رئيسة البعثة المشتركة للتخلص من الأسلحة الكيميائية في سوريا، سيغريد كاغ، في تقريرها المُقدم إلى هذا المجلس الموقر في شهر حزيران 2014. إن بلادي تعتبر استخدام الأسلحة الكيميائية عملاً لا أخلاقياً ومداناً في أي مكان وفي أي زمن وتحت أي ظرف كان.
مع صدور هذا التقرير بنتائجه المفبركة مسبقاً، سقطت ورقة التوت الأخيرة، وأصبح رعاة الإرهاب عراة، فحجم التلاعب بالأدلة والحقائق الذي تضمنه هذا التقرير لم يكن مسبوقاً، وتجاوز بكثير حدود التلاعب الذي كانت هذه القاعة قد شهدته بتاريخ 5 شباط 2003. ولعل التاريخ الدبلوماسي المتآكل يُعيد نفسه في مشهد تمثيلي مؤسف يُذّكر العالم، بالادعاءات الملفقة التي ساقها الوزير "كولن باول" في الجلسة التي شاركتُ بها أنا شخصياً، هنا في هذا المجلس، بتاريخ 5 شباط 2003، عندما قدم "باول" لدينا أدلة ومعلومات مفبركة أسماها "حقائق واستنتاجات مستندة الى معلومات استخباراتية موثوقة سماها باللغة الإنكليزية:
facts and conclusions based on solid intelligence
وذلك لتبرير عدوان بلاده على العراق بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل. من المثير للاستغراب، السيد الرئيس، أن زميله الوزير كيري قد عاد بتاريخ 26/8/2013 لاستخدام نفس العبارة لتضليل الرأي العام العالمي والتبرير المسبق لشن عدوان على سوريا آنذاك. ويبدو أن هذه المتلازمة Syndrome هي ملكية حصرية للإدارات الأمريكية المتعاقبة.
واسمحوا لنا - أيها السادة - أن نفكر معكم بصوتٍ عالٍ، وأن نبحث عن إجابةٍ للسؤال الذي يشغل بال كل سوريٍ، وهو: إلى متى ستستمر معاناة السوريين من الإرهاب الذي دعمته حكومات غربية، وهي الحكومات التي لا ترى في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الا ذراعاً غليظة لمصالحها أو شركة تجارية لتحقيق أهدافها. فحكومات قانون القوة هذه، لم تترك من المحرمات شيئاً إلا وارتكبته بحق الشعب السوري.. وحكومات قانون القوة هذه دأبت على الاعتقاد أن بإمكانها ممارسة القتل والتدمير والخداع والكذب دون مساءلة من أي قانون مسكين.
أيها السادة،
ما هي فائدة بقاء منظمتنا إذا استمرت حكومات هذه الدول بتوظيفها كشاهد زور على تفتيت دولٍ مثلما حصل في يوغسلافيا، وتدمير دول أخرى مثل العراق وليبيا، ومحاصرة شعوب وتجويعها وقتلها مثلما يحصل في فلسطين واليمن، وفرض حصار غير قانوني على دول مثل كوبا وفنزويلا وايران، واستجلاب حرب إرهابية قذرة على بلادي سوريا، والقائمة تطول.....
أخيراً أيها السادة،
إن الحرب الإرهابية التي استهدفت سوريا قد كلَّفت الحكومات الراعية لها حتى الآن 137 مليار دولار حتى اليوم، وذلك باعتراف أحد عملائها، وأقصد هنا رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم. والحرب الإرهابية هذه، باعترافه لوسائل الإعلام منذ أيام قليلة فقط، كانت مخططاً مشتركاً جمعهم بشكل رئيسي مع السعوديين والأتراك والأمريكيين والإسرائيليين والأردنيين، وكانت سوريا وشعبها بالنسبة لهذه الحكومات مجرد فريسة تتنازع عليها الضباع، وأنا أستخدمُ هنا مصطلحات حمد بن جاسم حرفياً، وأقتبس: "إحنا تهاوشنا على الصيدة، والصيدة فلتت مننا، واحنا قاعدين نتهاوش عليها"، هكذا قال رئيس وزراء قطرالسابق.
إن بلادي الجمهورية العربية السورية ترفض شكلاً ومضموناً ما جاء في تقرير آلية التحقيق المشتركة، لجهة اتهامها في الحادث المؤلم الذي وقع في خان شيخون. كما ترفض بلادي أن تكون سوريا بإرثها الحضاري الذي يمتد لآلاف السنين "صيدة" أو فريسة للحكومات الراعية للإرهاب، وسنستمر في حربنا على الإرهاب، وسنعيد بناء بلدنا وتحقيق طموحات مواطنينا بدمائنا وعرقنا وجهدنا، وبدعم أصدقائنا ممن يحترمون القانون الدولي ويرفضون خرق الميثاق ويتصدون لسياسات الهيمنة ودعم الإرهاب العالمي.
شكراً السيد الرئيس.