الولادة القيصرية أصبحت القاعدة في حين تحولت الولادة الطبيعية إلي حالة استثنائية..
يطمئنكم بشأنها : عبدالفتاح منصور
البعض يري أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو استعجال الطبيب وعدم رغبته في منح المريضة الفرصة لولادة طبيعية..
البعض الآخر يري أن المشكلات التي تواجه المرأة الحامل ازدادت نسبيا بسبب عدم ممارسة الرياضة وقلة الحركة مما يؤدي إلي ضعف عضلات البطن والحوض ومن ثم يزيد من احتمالات عسر الولادة الطبيعية واللجوء إلي القيصرية التي تكون الحل الأمثل لإنقاذ الأم والجنين معا.
الدكتور ماهر محمد عبدالوهاب أستاذ أمراض النساء والولادة بكلية الطب جامعة القاهرة يقول : بداية تدل الإحصاءات المنشورة في الولايات المتحدة الأمريكية علي أن معدل القيصريات قد تزايد بسرعة في العقدين الأخيرين, ففي أمريكا كان المعدل 5.4% في عام 1965 ثم وصل إلي 23 في المائة عام 1985 وازداد ليصل إلي 25% عام 1988 وفي عام 1990 بلغ عدد القيصريات مليون قيصرية حتي أن البعض يتنبأ بأن معدل القيصريات قد وصل إلي قمة لابد أن يعقبها تناقص في المعدل.
ولكن لماذا هذه الزيادة؟
لقد تغير مفهوم الولادة الحديثة بعد أن كانت القيصرية في أوائل هذا القرن محفوفة بكثير من المخاطر نتيجة لصعوبات التخدير وحدوث العدوي وعدم وجود مضادات حيوية فعالة والنزيف أثناء العملية, أما الآن فقد صار هدف الولادة أما سليمة ووليدا سليما وأقصر طريق يحقق هذا الهدف هو ما يتبعه الطبيب
العوامل الاقتصادية والاجتماعية:
لقد أثبت العالم جولد ومساعدوه في عام 1989 أنه في منطقة لوس أنجلوس كان معدل القيصرية في الأسر التي يزيد دخلها السنوي عن 30 الف دولار سنويا هو 23% ويقل هذا المعدل إلي 13% في الأسر ذات الدخل المنخفض إلي 11 ألفا سنويا.
وكذلك أثبتت ستا فورد في عام 1990 أن نسبة القيصريات تتزايد في المستشفيات الخاصة إذا ما قورنت بالمستشفيات العامة والمستشفيات الصغيرة مقارنة بتلك الكبيرة.
وكثيرا ماتقترب السيدة من ميعاد الولادة وهي مليئة بالهواجس والقلق والرعب من آلام الولادة ونتائجها. ومما يزيد الأمور تعقيدا ما قد تسمعه من أقاويل وقصص وحكايات من أقاربها وجيرانها عن مشاكل تعرضت لها إحدي السيدات اثناء الولادة. ففي بعض السيدات يكون الفحص المهبلي في حد ذاته مشكلة تثير الرعب والقلق عندها فما بالك بمتابعة تقدم الولادة وكذلك فإن كسل بعض الحوامل وعدم لعب التمرينات الرياضية وكثرة استخدام السيارات في تحركاتهن تؤدي إلي ضعف عضلات البطن والحوض مما يزيد من احتمالات تعسر الولادة.
كيف نخفض هذا المعدل؟
بالسماح للسيدات اللاتي أجريت لهن عملية قيصرية سابقة بمحاولة الولادة الطبيعية خصوصا إذا كان الداعي غير مستديم مثل حالات نزيف ما قبل الولادة ومواجهة أكثر شجاعة لحالات تعسر الولادة خصوصا في البكرية واستعمال الأوكسي توكسين, والسماح لحالات المجيء بالمعقدة بمحاولة الولادة المهبلية إذا ما كان حجم الحوض ووزن الوليد يسمحان بهذا.
ثم الاهتمام برعاية ما قبل الولادة لتوعية الأم وتشجيعها علي لعب التمرينات الرياضية والمشي وعمل تمرينات الاسترخاء والتنفس والإعداد النفسي لها.
ومهما يكن الدافع لإجراء القيصرية فقد صاحب هذه الزيادة انخفاض ملحوظ في معدل وفيات المواليد ورغم أن كثرة اللجوء إلي القيصرية قد ساهم إلي حد ما في هذا الانخفاض ولكن هناك أسباب أخري مثل تحسن رعاية الحوامل قبل الولادة وتقدم رعاية المواليد والاهتمام بهم.
ويجب علي السيدة الحامل أن تعلم أن المهم هو أن تكون سليمة معافاة ووليدها سليما وبصحة جيدة وليس المهم هو كيف تلد.
ولكن ما دواعي عمل القيصرية؟
هناك الكثير من الدواعي لعمل العملية القيصرية فهناك دواع تظهر قبل دخول السيدة في مرحلة الولادة مثل:
- عملية قيصرية سابقة وخصوصا إذا كان السبب لإجراء العملية السابقة مازال موجودا مثل ضيق الحوض.
- عدم التكافؤ بين الرأس والحوض: إذا كان الرأس كبيرا بحيث يصعب مروره من الحوض فإن القيصرية تمثل الحل الأمثل لهذه المشكلة ويمكن معرفة هذا بتقدير وزن الجنين بالموجات فوق الصوتية أو بتاريخ سابق لولادة صعبة أو بعض الاختبارات الاكلينيكية لتقييم التناسب بين رأس الجنين والحوض.
- تسمم الحمل وارتفاع ضغط أو أمراض الكلي والأوضاع المعينة للجنين مثل المجيئ بالمقعدة أو المستعرضة.
- أمراض الجنين وتشوهاته التي قد تجعل الولادة الطبيعية خطرا عليه أو علي الأم.
- الإصابة بمرض البول السكري إذا استدعت الأمور الولادة قبل الميعاد وصعب إجراء تحريض أو حث للولادة.
- نزيف ما قبل الولادة وذلك نتيجة الاندغام المعيب للمشيمة أو انفصال المشيمة عن جدار الرحم.
- الإصابة بفيروس الهربس.
وقد تدخل السيدة في مرحلة الولادة ولكن الطبيب المولد يقرر اللجوء الي التدخل الجراحي مثل حالات فشل التقدم في الولادة فقد لا يتسع عنق الرحم بصورة كافية رغم إعطائه الوقت المناسب للاتساع
حدوث إجهاد أو تعب للجنين ويمكن ملاحظته بجهاز رسم قلب الجنين
سقوط الحبل السري الذي إذا انضغط تأثر إمداد الدم والأوكسجين للوليد
حالات النزيف أثناء الولادة
ولكن قد تتساءل سيدة اذا كانت القيصرية مأمونة وسهلة وقد تكون إنقاذا لحياة الأم أو الجنين فلماذا إذن يخاف معظمنا من مجرد التفكير في عملها؟
ويجيب عن هذا التساؤل الدكتور عمروعبدالفتاح مدير وحدة النساء والتوليد بمستشفي دارالشفاء قائلا الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في عاملين:
أولهما: إنها عملية جراحية أولا وأخيرا فهي حتي إن كانت مأمونة وسهلة فمن منا يرغب في عمل عملية جراحية ولو بسيطة مثل خلع ضرس أو فتح خراج أو استئصال الزائدة الدودية أو خلع ظفر منغمد
وثانيهما: لأن الحامل تمضي شهور الحمل التسعة وهي تعد نفسها للولادة الطبيعية بل وقد تدخل إلي غرفة الولادة دون أدني فكرة إنها قد تحتاج إلي عملية قيصرية عاجلة إنها تبعد عن تفكيرها أقل فكرة أو هاجس يذكرها بأن الأمر قد يحتاج إلي عملية قيصرية إنها تسأل عشرات الأسئلة عن الولادة الطبيعية وأحداثها وتطورها ولكنها لا تسأل سؤالا واحدا عن العملية القيصرية وهي تتطلع إلي المشاركة الفعالة في الولادة لا أن تقف موقفا سلبيا بعد تخديرها وسباتها.
ولذا فيجب علي الحامل أن تضع في حسبانها كلا الاحتمالين وأن كليهما قد يكون تجربة سارة مبهجة وعليها أن تركز علي النتائج هي طفل سليم معافي بدلا من التركيز علي العملية نفسها, فلا داعي إذن لهذا الشعور بالإحباط والقنوط واليأس أو الإحساس بالفشل أو الذنب إذا ما أخبرك طبيبك بالحاجة إلي القيصرية لأن هذا الاحتمال قائم في ربع حالات الولادة .
ولكن لو ولدت سيدة بعملية قيصرية فهل معني هذا أنها ستلد كل مرة بعملية قيصرية؟
بالطبع لا.. فهناك دواع للقيصرية بعضها عارض أو طارئ أو غير مستديم مثل سقوط الحبل السري أو نزيف ما قبل الولادة أو الأوضاع المعيبة وهذه عادة لاتتكرر في الولادات التالية وبالتالي يمكن إعطاء السيدة فرصة الدخول إلي ولادة طبيعية ومتابعتها بدقة في مستشفي بصورة جيدة لمواجهة أي طوارئ تحدث أثناء الولادة.
ويمكن السماح للسيدة بمحاولة الولادة الطبيعية إذا كانت المجيئة بالرأس ووضع الجنين طبيعيا وحجمه مناسبا وانغمدت الرأس في الحوض واتسع عنق الرحم بصورة مضطردة أثناء الولادة واستمرت حالة الجنين طيبة أثناء الولادة.
وهناك علي الجانب الآخر دواع مستمرة ودائمة مثل ضيق الحوض وهذه يحسن أن يتم عمل قيصرية لها قبل الدخول في مرحلة الولادة حفاظا علي سلامة الام والوليد.
وهناك أسئلة ينبغي أن يجاب عنها بشأن تكرار العملية القيصرية مثل من هو الجراح الذي أجري العملية السابقة؟
وفي أي مستشفي أجريت؟
وماهو الداعي لإجرائها وماذا عن فترة مابعد العملية؟ هل حدث ارتفاع في درجة الحرارة او التهاب في الجرح؟
هل هناك آلام في مكان العملية السابقة أو نزول نقط دم ولو بسيطة؟
وهناك أسئلة مازالت قيد البحث والاستقصاء وتنتظر إجابة شافية مثل:
- كم مرة يمكن السماح بتكرار الولادة الطبيعية بعد العملية القيصرية؟ وهل يمكن تحريض الولادة أو استثارتها باستعمال الاوكسيتوسين بعد العملية القيصرية؟ وهل يجب استكشاف الرحم داخليا بعد تمام الولادة الطبيعية وهل يمكن السماح بولادة التوائم طبيعيا بعد إجراء عملية قيصرية وهل يمكن استعمال التخدير ومسكنات الألم بأمان في هذه الحالة وما هي احتمالات حدوث انفجار للرحم أو تمزق في جداره وتؤكد الإحصائيات الأمريكية أن نسبة الولادة الطبيعية بعد القيصرية قد ازدادت من 7% في عام 85 إلي 18% في التسعينيات ومعدلها في ازدياد.
وقد أجرت الكلية الأمريكية لأمراض النساء والتوليد بحثا ميدانيا أثبت أن 92% من المولدين الأمريكيين قد يسمحون لمرضاهم بالدخول في الولادة الطبيعية بعد العملية القيصرية وأن حوالي 60% من السيدات يرحبن ويتقبلن هذه الفكرة بل ويتوقعن نجاحها. وأن الأطباء صغار السن أقل من 40 سنة وخبرة أقل من عشر سنوات يميلون أكثر إلي إعطاء الفرصة للولادة الطبيعية بعد العملية القيصرية وذلك أكثر من الأطباء الأكبر سنا والأكثر خبرة.
التعليقات