لن تكون زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين للقاهرة غداً الأربعاء 13 نوفمبر/تشرين2 كما تحدث عنها جهابذة المحللين في مصر بأنهما يحضران لمصر لبيع مصر أسلحة باختيار الجيش المصري من قائمة عامرة (Rich MENU) مما لذَّ وطاب –أقصد مما ضمته قائمة المنتجات- من السلاح الأحدث والأطور تكنولوجيا حتى أنهم حدّدوا الصفقة بـ 4 مليار دولار. ولم ينسَ الجهابذة استذكار الضائقة المالية فأفتوا أن روسيا ستمنحها بقرض وربما افترضوه بفائدة منخفضة.
أعترف أنني لا أعرف عن وزير الدفاع الروسي ولا تحريت أن أعرف تاريخه كبائع شاطر ليتغلب على فهلوة اللهاليب الذين –بالواقع- لا يعرفون ولا يقرأون وفي آذانهم وقرٌ، لكنّي أعرف تفصيلاً أن وزير الخارجية الروسي هو الممسك بملف الصياغة الجديدة للعالم الذي كلفه به بوتين بعد إنتخابه وعنون بوتين الملف بتصريحه الشهير والحاسم "على أرض سوريا يُرسم العالم الجديد" وحمل الرجل المهمة ووضع لأمريكا سلّم الانسحاب العسكري الآمن من المنطقة الشرق أوسطية وتسليم روسيا مهمة حفظ الأمن بالمنطقة.
الخاسر الأكبر من الانسحاب العسكري الأمريكي هو –بلا منازع- اسرائيل بعد انكشافها الاستراتيجي الذي بدأ من العام 67 وفور انتهاء معركة 67 بخسارة عربية لأجزاء جغرافية واسعة تستنزف إسرائيل وجيشها ثم هروب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000 ثم هزيمة 2006 على يد مقاتلي حزب الله ثم الفشل الذريع بغزة، فقد أصبحت حقيقة قدرة جيش اسرائيل على حماية أرواح الاسرائيلين في مدنهم وبيوتهم في شك مريع يعبر عنها بتزايد الهجرة العكسية وترك أرض الميعاد التي ستكون لهم ولأولادهم المقبرة المبكرة.
من الملاحظ أن أمريكا توقع مع لافروف اتفاق ما ثمَّ يصرح كيري بمغالطات على الاتفاق الذي تم، وقد تعنى روسيا بالتكذيب أو التجاهل خاصة في أحوال يكون أحد الذيول قد عرض قدرة على تحسين شروط التفاوض للجانب الأمريكي، وتقوم أمريكا بإعطاءه الفرصة لينطح الصخر مع نصيحة بأن المحصلة المؤكدة هي الفشل وهو ما انطبق على جنيف 1 وجنيف 2، ولعل اتفاق إيران النووي مثال أخير على ما أعنيه.
زيارة الوزيرين معاً وفي هذه الظروف وتوقيتها تهدف لتوضيح سياسة روسيا ومجموعة بريكس لرسم العالم الجديد المبني على الشرعية الدولية وعلى القانون الدولي الذي يحترم سياسة الدول واستقلالها وهو ما يعني انتهاء العولمة والحوكمة التي لم تنتج إلا حروباً كثيرة وملايين البشر إما فقدت حياتها أو قدرتها على العيش الكريم. وفي رأيي أن روسيا تشعر أن تغيرات العالم إما أن مصر تجهلها أو لا تراها أو تتعمد تضليل الرأي العام المصري وإخفاؤه.
أكثر من 90% من كتاباتي تناولت وأشارت وشرحت التبدل العالمي من حول مصر وضرورة توجهها للتشبيك العربي وكثيراً ما أشرت إلى عدم إدراك المحللين بمصر للتغيرات الاستراتيجية حولها وبأنها أمام فرصة تاريخية خاصة بعد 30 يونيو/حزيران فزيارة الوزيرين برأيي لوضع صورة العالم الجديد واضحة أمام مصر وأن مخرجها من كل أزماتها مفتوح لها على مصراعية.
فايز انعيم