بأي بوصلة تسترشد مصر؟ ... د. جمال حمدان

2
0
أثار د. جمال حمدان هذا السؤال في كتابه القيم "نحن وأبعادنا الأربعة" الذي كتبه في السبعينيات بعدما لاحظ مسار الانحطاط بمصر فيما تلى اتفاقية "كامب ديفيد" كما قام –رحمه الله- بإعداد نسخة انجليزية لمضمون هذا الكتاب لنشره في الغرب الناطق بالإنجليزية لتعين الباحثين والدارسين لمصر وصورة تحولاتها الحقيقية والصادقة ممن أصبح العلم الأشهر في استنباط شخصية مصر ومميزاتها الفريدة. يستطرد د.جمال حمدان إجابة على السؤال قائلاً:

ما هو الجيروسكوب الذي يحفظ على سفينة مصر توازنها في هذه البحار العاتية التي لا مفر من أن تتلاطم من حين لآخر فيحفظ لجسم مصر الذاتي جوهر شخصيته الصلبة؟

حسناً، مفتاح الموقف كاه في كلمة واحدة هو "الانتماء" ضد "الأبعاد": الانتماء القومي ضد الأبعاد الإقليمية، أجل، فمقياس الاشياء جميعاً بين أبعادنا الأربعة هو انتمائنا القومي. أي الجسم والكيان نفسه مقابل أو قبل أو بعد أبعاده وامتداداته. وبذلك ما يعني ويرادف العروبة على الفور، فالقومية العربية والانتماء القومي هو وحده الذي يحفظ توازننا بين أبعادنا الأربعة المتباينة –الآسيوي والأفريقي والمتوسطي والنيلي- ويمنع عنا الاصابة بالدوار –الجغرافية بينها-. باختصار الانتماء القومي والقومية قبل الأبعاد الأربعة وبعدها وبين الأبعاد وضدها وذلك هو المصل الطبيعي المضاد لخطر الدوار الجغرافي في قلب العالم.

لكنه أيضا هو القانون الحديدي الذي لا فكاك لمصر منه وإلا فإنه الضياع بعد الدوار، فالسقوط بعد الضياع. فالموت بعد السقوط. وذلك بالفعل هو الجانب الآخر ولكن الحتمي من الصورة ظل الصورة. ومن أسف هذا القانون قد وِضع موضع التجربة العملية فعلاً وتعرضت مصر لاختبار أحماض قاسٍ ومرير بعد جريمة الركوع والاستسلام للعدو منذ عقد الخيانة.

فمنذ أُخرجت مصر مهزومة مكسورة من الصراع، وأُقيلت أو استقالت من العروبة، وعُزِلت أو اعتزلت القومية العربية، فقدت مصر فجأة كل شئ: فقدت الكيان والمكان والزمان والهوية والذات والانتماء والاتجاه والبوصلة والخطة الاستراتيجية، فمصر دخلت مرحلة انعدام الوزن وفقدان الاتجاه وضياع الجاذبية، وتردّت إلى دوامة التيه حتى أصبحت تدور حول نفسها في فراغ سياسي مخيف وفي حلقة مفرغة تتخبط فيها مترنحة بين أبعادها الأربعة على غير هدى عشوائياً وارتجالاً وبلا دليل أو هدف لا تعرف ماذا تريد بالضبط وإلى أين تذهب.

د. جمال حمدان

*أكتفي بما أوردت من كلام جمال حمدان لأسأل ماذا سيقول الآن لو امتد به العمر ويرى أن توهان مصر مستمر على يد أبناءها بعد 35 سنة من تحذيره وبعد ثورتين قام بها المصريون."

انتقاء وتعليق فايز انعيم

 

إضافة منذ 11 عام
Fayez Eneim
23327
غير محدد

التعليقات

Menem منذ 11 عام
غدا ستشرق الشمس .. مرة اخرى .. بفضل الله وبايدى مخلصين وطنيين..
zedony.com - A mmonem.com production. Privacy Policy