التفاصيل التوراتية تقول أن قربان قابيل لربه كان نباتياً، ولكي لا نهضم سعيه سنتصور أن قابيل صنع من نبات الأرض شيئا مغريا وفاتحا للشهية كالتبوله. وتواصل التفاصيل التوراتية القول أن قربان هابيل كان لحوماً، وكما أخيه سنعترف بسعيه متصورين أن هابيل صنع من اللحوم طبقاً شهياً من شواء اللحم كما المشويات المشكلة. وتواصل التفاصيل التوراتية القول أن ربَّ التوراة أبدى تلذذاً بالمشويات المشكلة استفز قابيل فقتل أخاه هابيل أمام نظر ربّ التوراة الذي لم يدفعه تلذذه بمشويات المغدور وفقده للذّة اللحم المشوي أن يحمي صانعاً صنع له ما يلذذه.
الولايات المتحدة الأمريكية –كربِّ التوراة- يقدم لها كثير من خلق الله (حكومات الدول) قرابين مختلفة مدونة على وريقات تلوح بأي منها لمن تتوسم بهم –مجتمعين أو فرادى- قدرة صناعة عناصر توصل أمريكا لهدف سطرته بالوريقة الملوح بها.
ننتقل من الرمز إلى واقعنا كأمة عربية وأقتصر بالصورة على الواقع المعايش فأقول أن هدف أمريكا كان الاستحواز على سوريا لعوامل كثيرة قد يطول المقال بذكرها فأذكر منها عنواناً واحداً "الشرق الأوسط الجديد" والذي أفصحت عنه كونداليزا رايس في العام 2006 ومن على أرض عربية –لبنان- خلاال الأيام الأولى لحرب اسرائيل على حزب الله وبمباركة خليجية ومصرية وعجز عربي شذّ عنه فقط بشار الأسد رفضاً معلناً ومساعدة عسكرية لامحدودة لقوات حزب الله ووصفا صاعقاً ومذلاً لزعماء العرب بأنهم "أنصاف رجال"، وكما فشلت الحرب المباشرة على محور المقاومة فشلت كل الاغراءات المقدمة لبشار العروبة لينحرف عن القضية العربية الأساسية.
لوّح الأمريكي بورقة سوريا لتركيا والسعودية وقطر والاخوان وكل منهم اجتهد أن يقدم قرباناً "يُتَقبّل منه" وكلهم فشلوا.
• فشلت قطر وأزاح الحمدان نفسيهما –طوعا أو كرهاً- عن كرسيهما لتميم وأنزويا في عار سيتكلم عنه التاريخ
• سقط الاخوان بمصر واهتزت كيانات كانت تختفي وراءها ويسقط حلم العثمانية الجديدة عن تركيا مع خوف تركيا أن يحولها الارهابيون إلى باكستان أخرى وهو خوف له أسباب قد تولدت في تركيا
• تصدرت السعودية المشهد، وبموازاة مظاهر مساندة شعب مصر التي هدفت إلى إبقاء مصر بعيدأ عن التأثير الإقليمي وضعت –بذات الوقت- ثقلاً عسكرياً على سوريا باستجلاب تكفيرييها من أفغانستان والشيشان وكلها انتهت لفشل ذريع
تمهلت أمريكا كثيرا على أمل أن ينجح أي القرابين في توفير ظروف تفاوض أفضل مع إيران وروسيا والصين وكذا ظروف أفضل للضغط على سوريا، ولأن أمريكا مزنوقة بموعد الخروج من أفغانستان وخلق الترتيبات مع دول الجوار لتستطيع سحب معداتها المقدرة بالمليارات بادرت أمريكا بالاستدارة نحو إيران بعد الانكفاء عن ضرب سوريا.
كانت الاستدارة –وقبلها الانكفاء عن ضرب سوريا- صفعتين متتاليتين أفقد السعودية الاتزان فتخبطت كمراهق في سن 15 سنة من العمر يصرخ عالياً ويفتعل ضجيج تهديدات يعلم أنه أعجز عنها بقيد المتكل على ربّ التوراة الأمريكي.
وأختم معكم هذا المقال بسؤال: هل تصدّر مصطفى حجازي للاتصال مع روسيا تحرك رئاسي يعوض فشل الاتصال الحكومي الناتج عن بطء وضعف الخارجية المصرية؟ برأيي أن الصح هو اتصال الرئاسة المصرية بالرئاسة الروسية وقد يمهد للقاء القيصرين الروسي والمصري.
فايز انعيم