إلى جيل أولادي:
علم الاجتماع السياسي بحر من البروتوكولات المنسّقة لتبادل إشارات مضمون الاتصال وعلى هذا العلم أفهم رسالتك ياولدي الحاملة لردّ البّار الخلوق والذي التزم بقواعد ما نسميه الاجتماع الأبوي وهو الجزء الأهم من الاجتماع الأسري الذي يهدف إلى تنشئة أفراد يتمتعون بعقل خلاّق وحرّ يحتضن كل تفاعلات النفس وأهوائها وانتماءاتها، وهل كنّا سنختلف بالرأي لولا هذه التنشئة؟
أشرت لك قبل فترة قصيرة إلى "رجل الدولة" وكيفية تصرّفه حيال الأزمات كما تكررت إشارتي لأهمية علم الاجتماع السياسي لكل من يصبح رجل دولة. وهنا أحرص على تأكيد عدم وجود نيّة الدفاع عن شخص ما ولا متهماً آخر فأوضح لك كيف أقرأ توضيح العوا وألخصه بما يلي:
- أن العوا لم ينف اللقاءات ولا نفى إثارة موضوع المخاطر الوطنية بل نفى فقط حمله لرسائل وكذلك عدم استعداده لنقل رسائل لكنّه أكّد على صلة وثيقة وممتدة مع الطرف المرسل إليه. وأدرك كذلك بأن للعوا عقل وصفات رجل الدولة دلّ عليهما ما لعبه من أدوار خاصة بعد الاعلان الدستوري إياه.
- أن السيسي -كرجل دولة وأراه على فهم كبير للاجتماع السياسي وكمسئول أول عن أمن البلاد الاستراتيجي- لا يملك بعد التقارير المكتوبة والمدعومة بوثائق والمذيّلة بالتوصيات والحلول إلا التواصل الشفوي المباشر مع قائده السياسي. ومن الطبيعي أن يلجأ السيسي لشخصيات أخرى، ليس لها قوة الاتصال مع القائد السياسي فحسب بل ويعرف مدى تأثيره، فيشرح لهذه الشخصيات شفوياً يفترضها السيسي رسائل مع تأكُّده من أنها ستصل وإلا فلا داعي لشرحها لمن لا يملك لا صفة رسمية ولا تأثيرية.
- أن السيسي صادق في كل ما قال بشأن هذه الرسائل الشفوية فقد أذاع أسماء أحياء يرزقون وأحرار في بيوتهم مطلقي السراح بدليل ظهور النفي بعد ساعات قليلة من خطاب السيسي.
- لكي يكون نفي العوا على مستوي التكذيب كان عليه أن ينفي أن السيسي شرح له خطورة المواقف الضارّة بالأمن القومي والاجتماعي لمصر.
أختم بدعاء موسى عليه السلام لي ولك ولسائر الناس "رب اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي".
فايز انعيم