((في هذا المقال تجدون فقرة تعبّر عن فكر مرجعية في لسان القرآن بنظرة خاصّة تبيّن معانيه. سيأتي ذكر خلق الانسان أطواراً باصطفاء نوعي متدرج قال به الله الخالق وبتدريبه المباشر بما بثّ فيه من روحه عز وجل. كما ذكرت قبل ذلك، فكر الرجل وعمق لسانه في كتاباته يتطلب عمق القراءة.
وضعت كل إضافة أو توضيح بين قوسين مزدوجين وكلمتي هذه بينهما)) كتب الاستاذ سمير: وبشريعة أحد ٱلطَّوآئف تقوم ٱلحرب
فيما يُكتب من "دستور" للحكم فى "مصر". يسعى مشايخ ٱلأزهر وأحزاب ٱلمسلمين إلى تحديد ٱلإسلام دينا للدولة ولرئيسها. وإلى هيمنة شريعة ٱلمسلمين على شرع ٱلدولة. ويمنُّون على ٱلأقباط أنّهم سيذكرون فى ٱلدستور شريعتهم ٱلخاصّة.
وكنت فى مقال "ماذا فىۤ إعلان ٱلأزهر؟" قد بيّنت أنَّ ما يعلنه ٱلأزهر وما يسعىۤ إليه مع أحزاب ٱلمسلمين يخالف وصيّة ٱللَّه ولا يتخذ من رسوله أسوة حسنة.
وحجّة هـٰۤـؤلآء أنّ شعب مصر أكثره من ٱلذين دمغ مأمور ٱلنفوس شهادة ميلادهم بٱسم مسلم.
وبعقل لحجّتهم مع قول ٱللَّه فى كتابه:
"وإن تُطِع أَكثَرَ مَن فِى ٱلأَرضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِن هُم إِلَّا يَخرُصُونَ"116 ٱلأنعام.
تسقط. ومَن يتمسّك بها يظنّ ويخرص ويضلّ عن سبيل ٱللَّه.
كمآ أنّ دمغة مأمور ٱلنفوس على شهادة ٱلميلاد لا تبيّن موقف ٱلمولود بعد أن بلغ رشده. وكثير ممن لهم هذه ٱلدمغة. لا يقبلون بشريعة ٱلمسلمين. ومنهم لا دينيون وفىۤ أحزاب لا دينية مختلفة. ويسعون إلى كتابة "دستور" لحكم لا دينىّ.
وأقول لمشايخ ٱلأزهر وأحزاب ٱلمسلمين. أنّ ما تسعون إليه هو ما رفضه ٱلكافرون بما عُرض عليهم من حكم:
"قُل يَـٰۤـأَيُّهَا ٱلكَـٰـفِرُونَ(1) لَاۤ أَعبُدُ مَا تَعبُدُونَ(2) وَلَاۤ أَنتُمـ عَـٰـبِدُونَ مَاۤ أَعبُدُ(3) وَلَاۤ أَنَاْ عَابِد مَّا عَبَدتُّم(4) وَلَاۤ أَنتُمـ عَـٰـبِدُونَ مَاۤ أَعبُدُ(5) لَكُمـ دِينُكُمـ وَلِىَ دِينِ(6)" ٱلكافرون.
فما يطلبه ٱللّه بلسان رسوله من ٱلكافرين. هو ميثاق ٱجتماعى "دين للمجتمع" (ٱلدستور). لا ينحاز إلى دين فريق من ٱلناس وشريعتهم. بل هو يعرض على ٱلكافرين حماية دينهم كما يحمى دين ٱلمؤمن من مفهوم ٱلوصاية ومن مفهوم ٱلحفظ.
فدين ٱلمجتمع هو ميثاق عيش بين ٱلذين بيّنهم بيان ٱللّه:
"إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰـبِئِينَ وَٱلنَّصَـٰـرَىٰ وَٱلمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفصِلُ بَينَهُمـ يَومَ ٱلقِيَـٰـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىءٍ شَهِيد" 17 ٱلحج.
فلا يمكن لمؤمن أن يطلب سلطة خالصة للمؤمنين. وليس عليه أن يقبل بما يطلبه ٱلمسلمون فى مصر وفى غيرها. وإن أصرّ مشايخ ٱلأزهر وأحزاب ٱلمسلمين على ما يسعون إليه من دستور كافرين. لن يقوم فى مصر سلام ولن يكون لشعبها أمن من خوف.
من بعد ٱلنفخ فى ٱلبشر ٱلوحش من روح ٱللَّه. حدث تأديب لوحشيته. وصار للمؤَدَّبِ ٱسم "ءادبَ" (أساطير سومر).
ومن بعد ٱلتأديب حدث تدريب للمؤدَّب. ليخبر بفعل ما فيه من روح ٱللَّه. وليعلم أنّ ٱسم ٱللَّه هو للنور فى ٱلسَّمَـٰـوٰت وٱلأرض. فلا بقعة ظلام فيها عليه. وهو ٱلبصير وكلُّ ما فيها عربىّ
((مفصِحٌ)) بيّن عليه.
وليعلم أنّ مَن تدرّبَ وخبر بفعل ما فيه من روح ٱللَّه. هو مَن نظر فى بقع ٱلظلام حوله ونوّرها. وبما نظر ونوّر شحن ما فيه من نور وصار "ءادمَ".
وبذلك يعلم كيف ٱصطُفِىَ "ءادم" علىۤ "ءادب". وكيف ٱفترقا واحد هو "سعدان" لم ينظر ليوسع لنوره. فلم يشحن ما فيه من نور وٱنطفأ نوره. وأخر هو "ءادم" نظر ووسّع نوره. فشحن ما فيه من نور وقوى نوره وإنسه. وبدأت مسيرة إنسه وتوسّعت بقع نوره فىۤ أطوار لحضارات متدرّجة.
وهو ٱليوم يعيش فى مجتمعات تتفاوت خبرة كلّ إنسان فيها بفعل ما فيه من روح ٱللَّه. وأهل بعض مجتمعاته ينعمون بٱلسَّلام وٱلأمن بين فئات مختلفة ٱلشرعات. وسبب ما ينعمون به هو قيام عهد وميثاق بين فئاته ٱلمختلفة. ليس فيه هيمنة لفئة علىۤ أخرى. ولا وصاية لشريعتها على سلطة ٱلبلد.
ويعيش أهل بعضها فى شقاق وتثريب يتنازعون ويتحاربون على ما يختلفون من تنوير. وبشقاقهم وحربهم يخسرون ٱلنور وينخفضون فى ٱلأرض ويمسخون قردة وخنازير
((أراه مسخاً خُلُقِياً وسلوكياً وليس خلقاً)). وسبب شقاقهم وتثريبهم هو إصرار طآئفة من طوآئفه. أو فئة من فئاته ٱلقومية. أو حزب من أحزابه ٱلسياسية. على خضوع سلطة ٱلبلد لما للطآئفة من شريعة. أو لما للقوم من لسان وتاريخ. أو ما للحزب من منهاج سياسىّ يسوس به أنعاما ويحبسهم فى وطنٍ.
مثل هذا ٱلشقاق يحدث ٱليوم فى مصر وفى غيرها من بلاد ٱلربيع. ويدفع إليه كلّ من مشايخ ٱلأزهر وأحزاب ٱلمسلمين. يروّجون لصناعة وثاق (دستور). يقيّدون به شعب مصر بشريعة طآئفة من طوآئف ٱلمسلمين. ويخضعون حكومته لتلك ٱلشريعة فيما تأمر وتحكم وتقضى.
وحتّى يسوّقوا لصناعتهم وتروج فى سوق يكثر فيه ٱلجاهلون بهذه ٱلصناعة. يعلنون أنّهم سيخضعون جميع شعب مصر لشريعة ٱلمسلمين. وسيذكرون فى وثاقهم ما للأقباط من شريعة.
وأدعوا مشايخ ٱلأزهر وتلك ٱلأحزاب ٱلإسلاميّة. إلى ٱلتفكير فيما يصنعون. وليعقلوا ما يصنعون مع وصيّة ٱللَّه فى كتابه ٱلقرءان إن كانوا به وبكتابه يؤمنون:
"شَرَعَ لكم مِّن ٱلدِّين ما وصَّىٰ بهِ نوحًا وٱلَّذىۤ أوحينآ إليكَ ومآ وصَّينا بهِ إبرٰهيمَ وموُسَىٰ وعيسىٰۤ أن أقيمواْ ٱلدِّين ولا تَتَفرَّقواْ فيهِ كَبُرَ على ٱلمُشركينَ ما تدعوهم إليهِ ٱللَّهُ يجتبىۤ إليه مَن يشآءُ ويهدىۤ إليه مَن يُنيبُ" 13 ٱلشُّورىٰ.
كمآ أدعوهم إلى عقل صناعتهم مع ما صنعه رسول ٱللّه فى "يثرب". وليتخذوا مما كتبه فى "ٱلصحيفة" عهدا وميثاقا بين ٱلمؤمنين وٱلمسلمين أسوة حسنة.
وليعلموۤا أنّه حتّى يقيموا ٱلدِّين (ٱلدستور) ولا يتفرقون فيه ولا يعيشون فى شقاق وتثريب. عليهم أن يذكروا ما للأقباط من شريعة وما للمسلمين من شريعة وما لغيرهم من شريعة. وأنّ ٱلحكومة تقوم بشرع من ٱلدِّين (دستور) على ٱلصراط ٱلمستقيم بين شرعات ٱلمصريين جميعهم. فلا تذكر فيه شريعة من شرعاتهم كمصدر لشرع ٱلحكومة. ولتكن لكلّ شريعة ولاية. وليتحدوا بأمّة واحدة بشرع من ٱلدِّين يأخذ بجميع شرعات ٱلإنسان ٱلمنير فى ٱلأرض.
الكاتب والباحث في لسان كتاب الله المبين
سمير إبراهيم خليل حسن
انتقاء فايز انعيم