كتب ناصر قنديل - نصر ونص
الملخص:
- يستحق الجنرال السيسي التحية ويستحق شباب تمرد التحية وتستحق نخب مصر كل التحية لإنجاز حلم تاريخي للأمة ستسقط بعده الكثير من اوراق الفتن
- ليس القياس ان كانت حرب الذهاب للقدس اليوم ولا ان كانت واشنطن ستطرد غدا
- واشنطن تتاقلم مع التغيير لكنها سياسة خفض الخسائر وليست سياسة تحقيق الأرباح
- مفهوم االنصر يشتق مباشرة من مفهوم الحرب التي نخوض إنها حرب إسقاط مشروع الفتنة وحرب إسقاط مشروع الأخونة
- الحرب تضع اوزارها بالنصر على مشروع إسقاط سوريا وحجارة الدومينو ستتدحرج تباعا ولنا كل الحق أن نحتفل
- بعض الذين يستمتعون بتنغيص فرحة النصر على المحتفلين ، يستحضرون كل الأسئلة المستقبلية لكنهم يفسدون الحاضر
- الإستثمار على النصر بما يجسده في حرب المعنويات التي ستقرر مصير المواجهات الكبرى هو أصل الدقة في فهم الحاضر ، والتقليل منه وتهوينه جزء من حرب نفسية يخوضها البعض منا علينا من حيث ينتبهون او لا ينتبهون
- يقيننا ان زمن الهزائم قد ولى وان زمن النصر تجلى وان ما جرى في مصر ليس نصرا وحسب وبل هو نصر ونص
النص الكامل:
نصر ونص
- لم يقل أحد أن طريق فلسطين سيشقه قبل طلوع الفجر شباب مصر المحتشدين في ميدان التحرير ، ولا أن عبور الجيش المصري من العريش نحو غزة قد بدأ للتو و معه تحددت معه ساعة الصفر لتحرير القدس
- لم يقل أحد أن الجنرال عبد الفتاح السيسي هو الجنرال جياب قائد جيش التحرير الفيتنامي ملحق الهزيمة التاريخية بالجيش الأميركي
- لم يقل أحد ان محمد البرادعي هو فيديل كاسترو العاشق للإستقلال الوطني والفقراء والثورة
- لكن أحدا لا يستطيع أن يقول أن الذي شهدته بلادنا العربية خلال العقد الماضي لم يجر على خلفية الإنتصارات العظيمة والتاريخية التي حققها حلف المقاومة على أميركا وإسرائيل ، و ما لحق بحلفائهما خصوصا في الخليج من شظايا من حرب العراق إلى لبنان إلى غزة بين أعوام 2003 و 2009
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار أن الصراع الذي تعيشه آسيا منذ العام 2000 وإنطلاق المشروع الإمبراطوري العسكري الأميركي كان ولا يزال يقف في خلفية كل تطور تعيشه منطقتنا ، التي تشكل قلب آسيا ففيها إسرائيل والنفط والإسلام مثلث الهم والإهتمام الأميركي
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار ايضا حجم تداعيات هذه الحرب في تغيير توازنات ما بعد الحرب الباردة التي بشرت بحقبة اميركية إسرائيلية تجثم على صدر المنطقة وارثة تفكك الإتحاد السوفياتي ، ولا أن ابرز التداعيات تجسد ببدء ظهور فراغ إستراتيجي في آسيا بعد الفشل الأميركي الإسرائيلي في حروب العقد الأول من القرن الواحد والعشرين
- إن أحدا لا يستطيع إنكار أن حلف المقاومة كان المبادر لخطة ملء هذا الفراغ بمشروع الرئيس بشار الأسد المعروف بمشروع البحار الخمسة الذي يدعو لنظام إقليمي يدير الإستقرار والمصالح الكبرى فوق الخلافات وتكون قواه السعودية وتركيا ومصر وسوريا وإيران
- كانت الشعوب العربية الغاضبة قد خرجت للمرة الأولى بعد سبات عقود ثلاثة مع إنتفاضة الأقصى وملأت الملايين الشوارع من المغرب إلى اليمن ومصر، وكانت الحروب لفرض نظام إقليمي محوره إسرائيل يفرض هيمنته على المنطقة ردا وإستباقا لهذا النهوض وبوصلته فلسطين لتصير شيئا آخر ، وكان الرئيس الأسد قد شرح مخاطرهذا المشروع في قمة شرم الشيخ العربية عام 2002 قبيل غزو العراق بقوله أنها حروب لتفتيت المنطقة وادخالها في صراعات لا تنتهي على اساس القبائل والأعراق والطوائف والمذاهب
- السباق على ملء الفراغ و بجواره سباق على قيادة الحراك الشعبي الغاضب كانا في قلب مشهد الربيع العربي
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار أن اميركا بتقبل التضحية برموز الإعتدال العربي وحلول الأخوان المسلمون مكانهم إستعدادا للحروب المذهبية وأملا بإسقاط سوريا قد فازت بالجولة الأولى من هذا السباق
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار ايضا ان الجولات الثانية والثالثة والرابعة قد ربحتها واشنطن ايضا ، فقد وصل الأخوان المسلمون لتحقيق حلمهم التايخي بالإمساك بثنائية الشرق الأوسط الذهبية التي تشكلها مصر وتركيا ، وسقط مشروع البحار الخمسة بإنخراط مصر وتركيا والسعوية في الحرب على سوريا ، و نجحت واشنطن وحلفائها بالإستثمار على نقاط الضعف السورية وحشد الطاقات والإمكانات مالا وسلاحا ومجاهدين و فتاوى وإعلام ، ودخلت سوريا القلعة الصامدة للمقاومة في مرحلة من اصعب مراحل تاريخها بحيث بان للكثيرين أن سقوط القلعة مسألة وقت ليس إلا
- بعد دخول حزب الله الحرب دفاعا عن سوريا رغم الإنتصار الإستراتيجي في معركة القصير المفصلية ، نجحت واشنطن في حشد حلفائها بقوة حضور مصر الأخوان لتفجير الفتنة المذهبية ، وخرج جون كيري من مظلة تفاهمات موسكو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف ، وعدل مفهوم الحل السياسي ليصبح إعادة تشكيل طائفية للحكم في سوريا
- جولة خامسة يربحها الحلف الذي تقوده واشنطن ويتراءى النصر لهم قريبا و الفتنة تتفجر في لبنان على يد رجال المخابرات القطرية والسعودية وإمتادات الأخون المسلمين و على رأسهم أحمد الأسير
- صمود سوريا رئيسها وشعبها وجيشها صنع معجزة الهمت الجيوش العربية والنخب العربية ، رغم تفاوت منسوب الكلام بالإعتراف لها بصناعة هذا التحول ، فكان الجيشان المصري واللبناني أول المتلقفين لنتائج هذا الصمود
- كما كان الروس والصينيون يتلقفون هذا الصمود لصناعة خطة لملء الفراغ الإستراتيجي كانت إيران تجدد شباب نظامها الإسلامي بما يحصن المنطقة بوجه خطاب الفتنة بالإستعانة بإحتياطيها في ثقافة الحوار والوحدة والإعتدال الشيخ روحاني فيأتي رئيسا على حصان أبيض
- إنها الجولة السادسة على الحلبة يربحها حلف يقف في رأس لائحة الشرف فيه الرئيس بشار الأسد تتوج بسقوط الأخوان في عرينهم ، ففي مصر ومن مصر يبقى أو يسقط مشروع الأخوان ومعه مشروع الفتنة ومشاريع الحروب الأميركية في المنطقة
- يستحق الجنرال السيسي التحية ويستحق شباب تمرد التحية وتستحق نخب مصر كل التحية لإنجاز حلم تاريخي للأمة ستسقط بعده الكثير من اوراق الفتن
- تركيا ستتلقف النتائج المصرية بجيشها ونخبها ومثلها ستفعل الأردن وأماكن اخرى كثيرة ، وستتموضع واشنطن مع المتغيرات ، ولها بين الحكام الجدد اصدقاء وحلفاء وستسعى للتاقلم مع التغيير وربما احتواءه لكنها سياسة خفض الخسائر وليست سياسة تحقيق الأرباح
- سقط مشروع الحرب على سوريا ولو إستمر بعض الحمقى يقاتلون ، وسقطت الفتنة المذهبية ولو إستمر بعض أصحاب اللحى الصفرا يفتون ، وسقط مشروع الهيمنة ولو بقي من يتوهمون انهم سيهيمنون
- لو أرسل السعودي مالا وورث القطري في مصر فمصر لن تكون قوة تصدير للحرب نحو خارجها ، ولو انفق الامير الصغير في قطر نالا لتقوية الجزيرة لن يبق للجزيرة حول وقوة ومهابة ، فكما القرضاوي سيصير ملاحقا ، كما سينكب الأمير الصغير في قطر على إنفاق المال للصحة والتعليم والتنعم بالنغانم
- مفهوم االنصر يشتق مباشرة من مفهوم الحرب التي نخوض ، فهي ليست اليوم والساعة حرب تحرير فلسطين ، ولو أن فلسطين أصل المشهد في كل هذه الحروب ، ولا حرب إخراج الأميركي من المشهد العربي ، ولو أنها دائما حروب المشهد الإقليمي وحجم الأميركي في صناعته ، إنها حرب إسقاط مشروع الفتنة وحرب إسقاط مشروع الأخونة ، وبسقوطهما لن تقوم قائمة لبدائل مثلهما او عنهما ولو قامت بدائل تشبهمها في التموضع تحت السقف الاميركي
- الحرب تضع اوزارها بالنصر على مشروع إسقاط سوريا وحجارة الدومينو ستتدحرج تباعا ولنا كل الحق أن نحتفل
- بعض الذين يستمتعون بتنغيص فرحة النصر على المحتفلين ، يستحضرون كل الأسئلة المستقبلية والتي لا تعوزها المشروعية ، بل يعوزها التقدير الموضوعي لقدرتها على توفير شروط شن حرب جديدة بوسائل جديدة وشعارات جديدة
- عذر هؤلاء كما يقولون هو الحرص على المستقبل ، فيما هم يخربون الحاضر الذي به يصان المستقبل ، والإستثمار على النصر بما يجسده في حرب المعنويات التي ستقرر مصير المواجهات الكبرى هو أصل الدقة في فهم الحاضر ، والتقليل منه وتهوينه جزء من حرب نفسية يخوضها البعض منا علينا من حيث ينتبهون او لا ينتبهون
- دعا هارون الرشيد في أحد مجالسه وبحضور زوجته زبيدة ابي نواس لمؤانسته وسأله بعضا من فصاحته وشعره ، ثم سأله هات أعطنا مثلا عن عذر أقبح من ذنب ، فقام ابو نواس يقبل الرشيد وهو يهم بدفعه ، فقال له شاعر الخمرة عذرا لقد ظننتك السيدة زبيدة، فغضب الرشيد ليفاجأه ابا نواس بالقول هذا العذر أقبح من الذنب الذي طلبت يا امير المؤمنين ، لكن الرشيد الممتعض من تصرف ابي نواس امر بوضعه على الخازوق ، ولما سال سجانه عن حاله ، اجابه السجان انه يساله كل حين ان ينقله للخازوق المجاور ، وقد حار في امره وامر طلبه ، فطلبه الرشيد الى حضرته وقال له ان ابلغتني سر هذا الطلب عفوت عنك ، فاجاب ابو نواس يا مولاي مهما كان الم الخازوق القادم يكفي انني اتنفس وارتاح قليلا ما بين الخازوقين
- لهؤلاء المنغصين نقول عذركم اقبح من ذنب تقبيل الرشيد بدلا من زبيدة ولو كان الأسوا ات بعد مرسي وامير قطر فدعونا نتنفس ونرتاح قليلا بين الخازوقين باسوأ الأحوال
- يقيننا ان زمن الهزائم قد ولى وان زمن النصر تجلى وان ما جرى في مصر ليس نصرا وحسب وبل هو نصر ونص
ناصر قنديل
4/7/2013