يبقى أملي في استنهاض نخب مصر إلى تملك الفكر والتخطيط الاستراتيجي وهو طريق وحيد لمستقبل واعد.
الملخص :
- ميزت المفاجآت ردود الرئيس بشار الأسد على الغرب الذي توهم في البداية سهولة التعامل معه ووصفه بالمتاثر بحضارته وكانت أول المفاجآت رفض الأسد نفي هذه الصورة عنه
- الجواب العنيف للأسد برمي ورقة الشروط الأميركية التي حملها كولن باول بعد غزو العراق وتطال المقاومة اللبنانية والفلسطينية كانت المفاجأة بإضافة جديدة هي دعم المقاومة في العراق
- تفادي الحرب المدمرة للعمران في سوريا كان مانعا رئيسيا لأي خطوة غير محسوبة في الجولان لذلك كانت الصفقة الروسية مسألة حياة او موت لخطة الأسد ولذلك تحمل الرعونة الإسرائيلية الإستفزازية التي تريد جره للردود المتبادلة
- تحملت سوريا السنتين القاسيتين من الأزمة وصمدت وصبرت ونأت بمصادر قوتها عن الإستنزاف حتى دنت لحظة حسم الخيارات الأميركية نحو التفاوض مع روسيا فبدأت سوريا هجومها المعاكس
- الكمين الإستراتيجي للأسد هو فتح جبهة الجولان
- معادلة الجولان الجديدة ستجبر إسرائيل تدريجيا على تجرع كأس الجنوب اللبناني مكررة نحو إنسحاب من طرف واحد بلا قيد او شرط
- ما يجري في القنيطرة يثبت وقوع ميليشات طالبان بفخ الأسد ووقوع إسرائيل في كمين الأسد
النص الكامل :
كمين الأسد الإستراتيجي
- خلال السنوات الثلاث الفاصلة بين تسلم الرئيس بشار الأسد المسؤولية و سقوط بغداد بيد الإحتلال الأميركي إمتلآت الصحف ومراكز الدراسات الغربية بالتحليلات التي تصفه بالمتأثر بالحضارة الغربية والشخصية المعتدلة التي يمكن التفاهم معها خلافا لما كان الحال مع والده الراحل حافظ الأسد
- كان الرئيس بشار الأسد يرفض أن يرد احد على هذه التحليلات لتوضيح صورته كقومي عربي ملتزم بثوابت سوريا التي كرستها عقود طويلة وكان يقول لمن يفاتحه بالأمر من الأصدقاء إن قرارات الدول الكبرى تبنى على تقدير التوقعات لمن يشكلون معسكر الخصوم وإن هذا التحليل لموقفه وشخصيته سوف يوقع الغرب بأخطاء جسيمة تشكل كمينا في رسم الخطط وعندما توضع الخطط قيد التنفيذ يجب ان يكون الرد المناسب مفاجئا خلافا للتوقعات التي بناها الغرب لكن بعد فوات أوان تصحيح الخطط الخاطئة لهذا العقل الغربي
- هكذا كان الرد الأول المدوي والمفاجئ لدى زيارة كولن باول الشهيرة لدمشق وهو يحمل شروط حكومته لعدم غزو سوريا وهو يتوقع تفاوضا يوصل لتسوية تضمن أغلب الشروط الأميركية فكان الجواب العنيف برمي ورقة الشروط الأميركية التي تطال المقاومة اللبنانية والفلسطينية وإبلاغ باول بإضافة جديدة لمعلوماته وهي ان سوريا تدعم إضافة للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية المقاومة للإحتلال في العراق
- في العام 2004 تكرر المشهد بطريقة اخرى عندما أراد الغرب إستكشاف سلوك الرئيس الأسد تجاه دورسوريا في لبنان عبر رسم معادلة أن التمديد للرئيس أميل لحود سوف يرتب عزلة دولية وبداية مواجهة مفتوحة مع الوجود العسكري للجيش السوري في لبنان لتكون نتيجة التجربة بالتمديد مدخلا لبناء تحليل أن الرئيس الأسد وسوريا محكومان بإعتبار هذا الوجود مصيريا لأمن النظام وان اي إهتزاز فيه يرتب إهتزاز النظام نفسه
- جاء إغتيال الرئيس رفيق الحريري وتصاعدت الحملة على الوجود السوري في لبنان و الخلفية التي يملكها الغرب تفترض قتال المستميت لسوريا لبقاء جيشها وكل شيئ قد بني على هذه الفرضية ليفاجئهم الرئيس الاسد بسحب قواته دون تردد خلال أيام و يثبت أن اللعبة معه مليئة دائما بالمفاجآت و لا تخضع لقانون التوقع والإحتمالات
- بنى الرئيس الأسد إستراتيجيته لسوريا على مرتكزات أولها تحرير مركز القرار من إمتدادات الغرب والدول الخليجية التي كان يمثلها تحالف خدام الشهابي كنعان الذين خرجوا من الحكم والقرار تباعا وثانيها نقل العلاقة مع المقاومة من موقع دولة سورية تدعم مقاومة لبنانية إلى شراكة إستراتيجية في بناء توازن ردع يمنع الحروب الإسرائيلية ويمهد لجعل الحرب العربية امرا ممكنا وثالثها فتح الباب لتطوير تجربة الحكم وفتح آفاقها الداخلية على فرص إستقطاب نخب جديدة ومنحها فرصة التجربة وتطوير المناخ السياسي والإقتصادي بصورة هادئة لا ترتب إهتزازات كبرى ورابعها بناء جيش محترف وقادر ومهني ومهيئ لخوض الحرب وإخراجه من اللعبة السياسية والإجتماعية وتضييق هوامش تأثره وتأثيره في لعبة الفساد ومراكز النفوذ وكانت حرب تموز 2006 اللحظة التاريخية لتحول هذه الخطط إلى وقائع وإنتصارات تغير المعادلات
- كانت إيران عبر المقاومة وسيدها تكتشف الشريك الإستراتيجي بشار الأسد وتصل لمرحلة الإلتزام بوضع ما يلزم لتحقيق خططه الإستراتيجية في أولوياتها وكانت الإنتخابات العراقية إختبارا حقيقيا لمؤهلات ومصادر قوة هذه الشراكة و لكن عين الأسد كانت على روسيا التي تقرا السباق نحو الفراغ الإستراتيجي في آىسيا ما بعد الإنسحاب الأميركي من العراق وأفغانستان والفرص التي يوفرها الإستثمار الجدي على حلف سوريا إيران والمقاومة لتكون روسيا سيحدة البحار الاسيوية ويكون الحلف المثلث سيد البر وكانت أداة قياسه للموقف الروسي هي صفقة السلاح النوعي التي طلبها من موسكو في العام 2008 و اقرت في العام 2010 و جمدت بسبب الضغوط الميركية والإسرائيلية والتي بقي تحريرها من الضغوط هدفا محوريا لسياساته لأنها ستمكن سوريا من الإنتقال للخطة الحاسمة وعنوانها فتح جبهة الجولان لمقاومة قادرة على الإستنزاف خلفيتها دولة قوية محمية بقدرة الردع
- تفادي الحرب المدمرة للعمران في سوريا كان مانعا رئيسيا لأي خطوة غير محسوبة في الجولان لذلك كانت الصفقة الروسية مسألة حياة او موت لخطة الأسد ولذلك تحمل الرعونة الإسرائيلية الإستفزازية التي تريد جره للردود المتبادلة لإلغاء الصفقة ونقل الملف إلى مجلس الأمن لتفاوض دولي خاص بالجولان يخرج سوريا من الصراع ولو بنيل الجولان لكن بلا فلسطين والأخطر مع الحفاظ على إسرائيل قوية ومهيمنة في المنطقة
- إظهار الرغبة بتفادي الحرب والرغبة بإمتلاك مصادر القوة لمنع العدوان صار شيئا فشيئا قناعة لدى الروس وفي ذروة الأزمة في سوريا كان إظهار القدرة على التحمل والمواجهة من جهة ومد اليد للحوار والسعي للحلول السياسية والنوايا الإصلاحية من جهة اخرى عناصر إضافية تتكامل مع الخبرة الروسية في العلاقة مع إيران لتحسم موسكو خياراتها بتلبية خطة الأسد في الإستثمار على حلفه المثلث كركيزة لخوض معركة ملء الفراغ الإستراتيجي في آىسيا فتكون المواقف الروسية من الأزمة السورية بالقوة التي فاجأت العالم والغرب خصوصا ويكون تحرير صفقة السلاح لسوريا الضربة القاضية على احلام التدخل
- تحملت سوريا السنتين القاسيتين من الأزمة وصمدت وصبرت ونأت بمصادر قوتها عن الإستنزاف حتى دنت لحظة حسم الخيارات الأميركية نحو التفاوض مع روسيا فبدأت سوريا هجومها المعاكس وضرباتها المتلاحقة بتنسيق وشراكة مع المقاومة وإيران وروسيا تشعر بالزهو للإنجازات السورية
- الكمين الإستراتيجي للأسد هو فتح جبهة الجولان الذي بدأ قرارا سياسيا كرد على الغارات الإسرائيلية وسرعان ما تحول لمصدر قلق إسرائيلي مع إعلان سيد المقاومة عزمه حمل المسؤولية في القتال هناك و شيئا فشيئا يتحول إلى بوصلة الحرب التي تشهدها سوريا لتتحول الصورة من حرب على سوريا إلى حرب في سوريا إلى حرب سوريا
- يدخل الجيش السوري ورجال المقاومة إلى القصير فتصير الرستن قاعدة تجميع المقاتلين المناوئين للدولة وتتغير بسبب تجمعهم هناك معادلات وتوازنات حلب وإدلب وسائر مناطق شرق وشمال سوريا ليسهل حسمها و يضيق الخناق في ريف دمشق لتصبح الحدود مع لبنان بين القلمون وعرسال مركز التجمع الموازي و تكون نقاط التجمع هذه مصيدة إذا تفادوها سهل سحقهم بالمفرق وإذا دخلوها كانت المعركة الفاصلة بإنتظارهم وامام هذا المشهد يتصاعد الكمين الإستراتيجي في جبهة الجولان
- تردد الحلف الإقليمي للحرب على سوريا بالتحول نحو خطط السلام من تركيا التي تنوء بعبء ثورة شعبية تهزها من شمالها لجنوبها ومن شرقها وغربها والسعودية وقطر المتورطتان في التجسس والتخريب في إيران و المنتظرتان لرد إيراني صاعق ، ومعهم تردد جبهات المعارضة التي شكلوها بقبول التفاوض مع الرئيس الأسد و افعتراف بفشل حربهم سيمنح سوريا فرص الحسم العسكري ويحملهم مسؤولية فشل جنيف والحلول السياسية وإستجابتهم ستعلن نصر الأسد بصورة مبكرة وتعطيه فرصة التفرغ لجبهة الجولان بعدما تصير حربه على الإرهاب بشرعية دولية وإقليمية
- إذا تهرب المسلحون من جبهة الجولان و تهربت إسرائيل سارت الأمور بسلاسة نحو تصعيدها التدريجي لتصبح امرا واقعا مع نهاية المواجهات داخل سوريا وتقدم الحلول السياسية وإذا تحركت إسرائيل و ميليشيات طالبان فقدرهما بسبب الضعف والحاجة التحرك معا كما قال امس قائد ما يسمى بألوية الفرقان أن لا مشكلة لديهم إلا مع الجيش السوري مثلهم مثل إسرائيل وفي هذه الحالة سيكون خيارهما حزام أمني على الجبهة يشبه دور جيش أنطوان لحد في جبهة جنوب لبنان قبل سنوات فيكون سحقهم مشروعا و مدخلا لتغيير المعادلة بما فيها قواعد فك الإشتباك و رسم قواعد إشتباك جديدة
- معادلة الجولان الجديدة ستجبر إسرائيل تدريجيا على تجرع كأس الجنوب اللبناني مكررة نحو إنسحاب من طرف واحد بلا قيد او شرط لتفادي شروط الأسد التفاوضية لدولة فلسطينية كاملة السيادة على أراضي ال67 وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين والإنسحاب سيعني نصرا تاريخيا يفيض عن قيمة نصر جنوب لبنان ويجعل المقاومة في فلسطين سيدة المعادلة بأجنحتها الجديدة الوليدة من رحم المرحلة التي ترتسم معالمها
- ما يجري في القنيطرة يثبت وقوع ميليشات طالبان بفخ الأسد ووقوع إسرائيل في كمين الأسد ويجعل الحرب تتجه لتغدو حرب سوريا بعدما كانت لعامين حربا على سوريا ومنذ اسابيع حربا في سوريا
- قال احد المحللين أخشى أن يصير لسان حال الغرب الذي توهم سهولة التعامل مع الأسد وتحدث كثيرا عن إعتدال الأسد قياسا بوالده الراحل إلى الترحم على والده بعدما جرب إختباره لكن التاريخ سيكون قد كتب للأسد معادلة الشرق
ناصر قنديل
7/6/2013
اختيار فايز انعيم