تفهّم آيات القرآن الكريم أو تفسيره سلك –في رأيي- طريقين حدّدهما إجابة السالكين لآيهما على السؤال الأساسي: لماذا خلق الله الانسان؟
انقسم الناس بين جوابين: بين استخلاف الانسان لعمارة الأرض وبين خلقه ليخلص في أداء العبادات لله عز وجل.
الفكر السلفي – وقد غلب عموماً – غذّى عقول المسلمين له –بمعني تسليم عقولهم لفكرالسلفيين- وأقنعهم بأنهم خُلقوا لأداء العبادات –التي انحصرت أركان الاسلام بها- بإتقان شديد بل وحصروا العمل الصالح –الذي تكرر ذكره بالقرآن كثيراً- بهذه العبادات فقط. وأستدرك بأنني أعني الفكر السلفي وليس مفاهيم الرسول (ص) ولا مفاهيم صحابته ولا مفاهيم خاصة بأي مجتهد من الأسلاف. ومن عصب هذا الفكر أن الله يسلط البلاء على المؤمنين ويعظم البلاء تصاعدياً مع عظم إيمان المبتلى ليعرف (عز وجل) إذا كان الايمان صدقاً أو نفاقاً، هذا الافتراض الذي يتناقض مع الايمان بسبق معرفة الله –وهو كذلك سبحانه- ويتناقض مع الايمان بكتاب مكتوب أزلي على كلّ إنسان. ويدللون على نظريتهم الابتلائية بما أصاب الانبياء عليهم السلام متناسين أن الانبياء مصطفين فيمرون بتدريبات ترفع من أهليتهم وقدرتهم على أداء ما كلفهم الله به، لعلّي أشير باختصار إلى يونس (ع) حينما ذهب مغاضباً. إذن هي باختصار دار ابتلاء وعبور وفناء ولعب ولهو ليس إلا.
الفكر العقلي – الذي اتهمه الفكر السلفي بالإلحاد أو الكفر أو الردة رغم ارتياد معتنقيه مساجد الله- وجه معتنقيه إلى غائية (غرض) الله في تأهيل الانسان لحل أمانة استخلافه لعمارة الأرض، بل لم يترك الخالق (عز وجل) عقبات أمام الانسان إلى مدى (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) –لاحظوا معي "كيف بدأ الخلق"- بل كرر (عز وجل) التدبّر والتفكر والتعقل والنظر وما شابه مخاطباً –وفقط- ذوي الألباب.
تعالوا معي لمناقشة معنىً آية المقال بعد ربط الآية بما قبلها وما بعدها وأقول فهمي التالي:
لكل من الناس حرية القول والافصاح لجمع من الناس عن إيمانه بكل قول يخرج عنه تضمن وعوداً بتحقيق آمال وكذا ذكر مؤهلات وخبرات بلا تضليل ولا إخفاء النية الحقيقية معتمداً على ما -مفتتناً بما- أنعم الله عليه، فالواو "و" التي تسبق "هم لا يُفتنون" هي واو حال تبعها حالة أنهم دخلوا في الافتتان وسيرصد الله صدقهم من كذبهم كما ورد في الآية التالية للآية المتداولة المجتزأة.
الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) سورة العنكبوت
فايز انعيم