تعتبر الكوابل البحرية أحد أهم الإنجازات التي تحققت في مجال نقل وتبادل البيانات حول العالم، فـ 80% من مجمل الاتصالات ونقل البيانات تتم عبر هذه الكوابل؛ نظرا لسرعة تدفق البيانات فيها، وتمتعها بدرجة عالية من الأمن والسرية والدقة العالية في نقل الإشارات، و قلة تكاليفها بالمقارنة مع الأقمار الصناعية وغيرها من الوسائل .
تعود نشأة هذه الكوابل إلى عام 1850، عندما تم مد أول كابل بحري بين فرنسا وبريطانيا، وأعقبه في عام 1863 مد كابل بحري بين بريطانيا والجزيرة العربية والهند، وفي عام 1902 تم مد كابل اخر بين أمريكا وهاواي، وهذه الكوابل تم استخدامها لنقل رسائل التلغراف ثم لإجراء المكالمات الهاتفية.
ومع زيادة التقدم في مجال الاتصالات، تم إنشاء العشرات من هذه الكوابل والتي ربطت معظم أجزاء الكرة الأرضية، ونظرا للحاجة الماسة إلى مواكبة التقدم التكنولوجي في قطاع الاتصالات تم في عام 1988 مد أول كابل مصنوع من الألياف الضوئية و ذلك عبر المحيط الأطلسي، ثم توالت بعد ذلك شركات كبرى عالمية مد هذه الكوابل الحديثة في شتى أنحاء العالم، حتى تحول عالمنا الحالي إلى قرية صغيرة بفضل هذه الوسيلة الفعالة للاتصال بين الناس في شتى أنحاء العالم.
تتركب الكوابل البحرية الحديثة من مجموعة من الطبقات المختلفة التي تلعب دورا هاما في حسن سير عملها..
1.غلاف من مادة البولي اثيلين مقاومة للماء
2.شريط لاصق Mylar
3.أسلاك حديدية
4.حاجز ألمنيوم مضاد لتسرب الماء
5.غلاف من مادة البولي كربون مقاومة للصدمات و لدرجات الحرارة
6.أنبوب من النحاس او الألمنيوم
7.جل بترولي كثيف جدا
8.أليفا بصرية التي يتم نقل الإشارات خلالها
تمديد الكوابل البحرية يتطلب استخدام تقنيات متطورة وفرق فنية متخصصة وسفن مجهزة لهذه الغاية، حيث يتم الاستعانة بالأقمار الصناعية لمعرفة أفضل مسار ممكن لهذه الكوابل، كما يتم تركيب وحدات تضخيم كل مئة كيلومتر تقريبا تدعى Repeaters والتي تلعب دورا هاما في تضخيم الإشارة المارة في هذه الكوابل.
تتعرض الكوابل البحرية لمخاطر متنوعة مما يؤدي إلى قطعها و تلفها أو إلحاق أضرار جزئية فيها، هذه الأضرار قد تنجم عن الحركات الأرضية في قيعان البحار والمحيطات بسبب الزلازل والصدوع والانهيارات والبراكين، كما قد تلحق بها بعض الأسماك والكائنات البحرية أضرارا فادحة وخصوصا اسماك القرش التي قد تتمكن من قطعها أو تدمير تركيبها، كما قد تتعرض هذه الكوابل للتلف جراء السفن ومراسيها أو نتيجة عمليات الصيد التي تتم في البحار.
ومن جانب اخر فإن هذه الكوابل يمكن أن تتلف نتيجة الأعمال التخريبية المتعمدة، كما هو الأمر في النزاعات الدولية والحروب والهجمات الإرهابية.
وإصلاح هذه الكوابل التالفة يعتبر أمرا شاقا ولا يمكن أن يتم إلا من قبل فرق عمل متخصصة في هذا المجال وبواسطة سفن إصلاح خاصة، ولدى حدوث أي عطل، يتم أولا تحديد مكان حدوث التلف في الكابل، و بعد تحديد مكان التلف في الكابل، تتوجه طواقم العمل إلى المكان المحدد ويتم رفع الكابل المعطل إلى سطح سفينة الإصلاح بواسطة روافع هيدروليكية قوية، ثم يتم إجراء عملية التصليح ووصل الأجزاء المقطوعة بالاستعانة بأجهزة خاصة لهذه الغاية ومجاهر لوصل الألياف الضوئية التالفة وربطها من جديد وإعادة فحصها للتأكد من أن الكابل تم وصله بشكل مناسب.
يتم بعد ذلك إعادة الكابل إلى مكانه تحت سطح الماء، وبواسطة آلة خاصة يتم طمر هذا الجزء تحت قاع المحيط لضمان عدم تعرضه مجددا للتلف.
منقول بتصرف