أشرككم بمليح يصادفني في قراءاتي في كتاب (العالمية الاسلامية الثانية) لمؤلفه محمد أبو القاسم حاج حمد من رواد الرؤية الجديدة لكتاب الله.
أقتبس بتصرف:
يشرح المؤلف جدلية سؤال الانسان للخالق الذي أعطاه أكثر من سؤله منذ خلقه بأن سخّر له الكون الذي هو أكبر منه وأعقد خلقاً فيستجيب الكون للإنسان الذي اندمج فيه (الكون) دون حرج، فحين يعمد الإنسان إلى(قهر) الطبيعة تستجيب له بعطائها المسخر حتى خارج فعله، كعسل يخرج من نحل، ولبن ما بين فرث ودم سائغاً للشاربين. وحين يريد (غزو) الفضاء يرحب به الفضاء، ويكشف له المزيد من مُتاحات العلوم ليجري تجاربه البيولوجيه في أوضاع مختلفة ويقوي شبكات أتصالاته الفضائية. وحين يريد غزو الأعماق البحرية يجد ممالك هى آيه في التسخير، وحين يجس باطن الأرض تتدفق في ساحته نفطاً ومعادن أخرى وتجرى أنهاراً من مياه. (إذاً لم يسرق برومثيوس شيئاً)*. وهكذا يتضح عملياً وعبر الأنجاز الحضاري للإنسان أن قدرة الله ليست مطروحة قرآنياً كعنوان تعجيزي للإنسان، ولكنها مطروحه كهيمنة واقعة للفعل الإنساني على مستوى كوني، وبأكبر ما تتيحه قدرات الإنسان الذاتية.
بل أن العلم المسنود بالدفع الآلهي سيمضى بالإنسان إلى حدود لا يتصورها حتى إنسان القرن العشرين، وسيدخل مناطق كان يحسبها مُحرمة عليه. بمنطق الآيات المتشابهات، وسيكتشف في خصائص الخلق الكوني ما هو غير مادي بعرفه، وسيصل إلى فهم للحركة يرقى حتى على فهم العلوم الفضائية وتجاربها الفيزيائية الراهنه. فكل جزء كوني هو مسخر للإنسان.
ملحق:
1. في الأساطير الإغريقية برومثيوس يرمز للإنسان الطموح الباحث عن زيادة قدرته فحاول سرقة علم وقدرة الآلهة. ويقصد الكاتب أن الانسان المسلم (المؤمن بوحدانية الله وقدرته المطلقة، فهو قد فهم أن الله سخر له الكون وهو فهم تكليف الخلافة وهو يهم بالسعي و يستخدم ما سخره الله له.
2. المقصود -لمن قد يستشكل عليه قراءة ما عنيت- أن فعل الانسان يبدأ بإرادة الانسان ذاته وطموحه بدأب يفتح أمامه نجاحات تفوق جهده المبذول فهذا الكون المسخر للانسان بأمر الله سيكشف القوانين الدقيقة التي خلق الله الكون عليها ويستفيد من هذه الفتوحات ويغير في حياته ويضيف إلى التراكم الحضاري. ولو نظرنا لغير الانسان نجد أن الله قد سخّر له الكون يعطيه فقط على قدر دوره في دورة الحياة دون أي فعل حضاري. ولنفهم أن الامانة التي قبلها الانسان تجعله شاكرا ومقدراً وتارك هذه الأمانة يصير ظلوماً جهولا وليس لأنه مجرد حملها كما هو شائع
اختيار فايز انعيم