تفضل الأخ أحمد سمير وطلب مني إيضاحات حول قضايا ذكرتها في معرض مقالي عن استنباط أن موسى (ع) لم يمارس السحر كما ذكرت غالبية تفاسير القرآن التراثية، ذلك الاستنباط المبني على تحديد المعنى اللغوي للفظة (تلقف) والذي ناقض المعني السلفي لها بأن فسرها بمعني الابتلاع.
من قراءة ما يكتب الأخ أحمد سمير أميل إلى الاعتقاد أنه مع التيار السلفي في الخط الفكري العام، ذلك الخط الذي يشمل التدرج من السلفية الجهادية (الوهابية) ومفهوم الفئة الناجية الوحيدة صعوداً إلى السماحة التي تمثلها سلفية الأزهر مروراً بسلفية حزب التحرير الاسلامي وسلفية جماعة الاخوان المسلمين. وعلى ذلك سيكون ما أذكره عن بعض قيود السلف ضمن خط التدرج السماحة لكي أدرأ عني ردود قد تقول أنا سلفي وما ذكرت غير صحيح. على أني أنبه إلى حقيقة سلفية هامة وهي أن كل فرقة قد ترتفع على سلم السماحة من موقعها أو تنخفض عنه طبقا للحالة الخاصة الزمانية-المكانية. والمؤسف أراه في انحدارهم للاتهام المباشر في الدين أو الخلق وأضعف الايمان التشكيك بهما على من يخالفهم بالرأي.
وفي اعتقادي أن سماحة سلفية الأزهر تراجعت حالياً عما وصلت له مع الإمام محمد عبده وتوجها –استمراراً عليها- الشيخ شلتوت. وهذا التراجع يعود إلى سطوة مستعادة لفكر كان الظن بموته بعد القضاء على دولة نجد وشنق محمد بن عبد الوهاب بحكم قضائي على تهمة الافساد في الأرض. قد يفاجئ معلومة شنق ابن عبد الوهاب الكثير في مصر لكنها الحقيقة حيث درج على استباحة مدن عراقية وشامية بعد تكفير أهلها المسلمين.
وقيود السافية كثيرة أذكر منها:
1. تحريم استخدام العقل فيفرضون تعطيله بمقارنة عجيبة بين عقل الخالق عز وجل وعقل مخلوقه الانسان مع التركيز أن العقيدة والفقه وتفسير القرآن قد اشتغل عليه السلف وما علينا إلا اجترار ما كتبوا وفسروا وفكروا به.
2. تحريم تنقية الأحاديث من كل مافيه شك سواء في المتن أو الراوي أو تعارضه مع القرآن بمعنى أن يتم إزالة هذه الأحاديث كلية. الغريب أنهم جوزوا تعديل فقه القرآن ونسخ آيات وإنساءها. من يشك في كلامي عليه أن يعود إلى الأحاديث الخاصة بتدوين القرآن وجمعه وضبط قراءاته ليرى العجب العجاب.
3. تكفير الفلاسفة المسلمين بل وتدمير ما كتبوا مذكراً أن من انتشل أوروبا من العصور المظلمة ووضعها بقيادة العالم تفهم واتباع كتابات الفارابي وابن رشد والكندي والحلاج وابن النفيس وكتابات ابن خلدون في بناء الدولة وكتابات المعتزلة كأبي العلاء المعري والجاحظ والمتنبي ولاحظوا أن جميع من ذكرت إما كٌفّر أو شٌكك باسلامه ومنهم من عٌذّب وصلب وحرق.
4. فتح باب التحريمات الفقهية إعتماداً على أحاديث مروية عن الرسول (ص) ولم يذكر تحريمها بالقرآن رغم كل تحذيرات القرآن الناس والانبياء من الغلو بل حذر الانبياء خاصة من عذاب يوم القيامة إذا غلوا. وهذا الباب فتح مجال التشدد الذي نراه الآن والذي أظهر الاسلام على غير ما قدر له الله عز وجل من موافقته مع حالات كل أقوام الأرض على طول الزمان وحتى يوم القيامة.
وأكتفي بما ذكرت لكن القائمة تطول أكثر.
أما فيما يختص بتعامل المحدثين مع الناسخ والمنسوخ هو رفض فكرة أن يكون الله قد أنزل حكماً ما بآية ما وبعد زمن قصير يلغي هذا الحكم. ويرفضون كذلك مقولة أن ينسخ حديث عن الرسول (ص) حكم آية. ولعلي أوضح أن تحريف الكتب السابقة نتج عن اختلاط النص المنزل من الله مع ما تم تدوينه من قصص وأقوال أنبياء بني اسرائيل والمسيح مما دعى الرسول (ص) للتشدد في تحريم تدوين السنة بل جمع ما تم تدوينه وأحرقه أمام المسلمين ومنهم صحابته. وربما أطرح سؤالاً هاما، لماذا لم يقم الصحابة يتدوين السنة بانفسهم بعد وفاة النبي بينما حرصوا على جمع القرآن الذي حرص الرسول على تدوينه؟
فايز انعيم