عبد الستار حسين صحفي عراقي مرموق ويكتب عن أم العرب مصر
بقلم: عبدالستار حسين
في مصر التي كانت ترفع شعار الدستور أولاً، أصبحت الأن حكاية على لسان الشعوب والناس أجمع، مثلها كمثل أي حكاية او رواية من الانبياء إلى القادة سؤاء عن سيدنا يوسف عليه السلام اوعن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأخيراً أضطر ان اقول عن مرسي بالرئيس الحالي لمصر، منذ القدم كنا نسمع أن "ست" فقيرة، كان حلمها في الحياة هو بضعة نقود كي تشتري بها الطعام لأسرتها، لكن هذه الفقيرة لم تكن تمتلك سوى عنزة صغيرة، انتظرتها حتى كبرت، ثم أصبحت قادرة على أن تدر اللبن. أخذت الفقيرة اللبن، وذهبت إلى السوق كي تبيعه، راودها شعور كبير بالرضا، ثم تحول إلى الثقة بأن الله تعالى لا بد سيعطيها ما هو أفضل، لأنه إذا كانت عنزتها قد منحتها كل هذا اللبن، فلا بد أن الله راضٍ عنها وسيعطيها ما هو أكثر، لمَ لا وهي التي تراعي ضميرها في كل ما تفعل؟ لمَ لا وهي التي تستحق المساعدة لأنها تعول أسرتها الكبيرة وحدها؟ لمَ لا وهي التى برغم من فقرها تحلم بتعليم أبنائها؟ ...!
حملت الفقيرة آنية الحليب فوق رأسها واتجهت إلى السوق كما يحمل اي فقيرٍ منا شيئاً، كانت كلما سارت زادت ثقتها بأن القادم أفضل، سبحت في بحر خيالها، ورأت كيف أنها ستبيع اللبن بأعلى سعر، فهو الأجود، لابد أنها ستعود مرات ومرات، لتبيع اللبن مرات أخرى تحصل فيها على أموال أكثر، وفكرت أنها لا بد سترفع السعر ما دام حليبها هو الأفضل، وستبيع أكثر لأن الجميع يتلهف على شرائه، وسافرت بخيالها أبعد، فرأت أن ما ستكسبه من المال سيفيض عن حاجتها الحالية، لذا فهي ستدخر لشراء عنزات أخرى، ستدر بالضرورة الحليب الأفضل، ستبيعه أيضاً، وتكسب أموالاً وفيرة، ثم ستتوسع فى أعمالها لتشتري دجاجات تبيض لها بالضرورة بيضاً كثيراً كل يوم، وجودته ستكون الأعلى فى السوق، لمَ لا وهى التى يبارك لها الله فى كل أعمالها بسبب نيتها الصافية؟.. حلمت الفقيرة وحلمت، ورأت نفسها تنتقل من الفقر إلى الغنى، وأنها لن تضطر، بعد يوم لابد آتٍ، إلى أن تحلب لبن عنزتها بنفسها، ولا أن تذهب إلى السوق لتبيعه بنفسها، بل ستكتفي بالجلوس في حديقة منزلها، تمرح مع دجاجاتها وعنزاتها، ستركض معها بينما ضحكتها تصل عنان السماء.
عنان السماء لم تصله ضحكات الفقيرة أبداً، بل صرخة مدوية أطلقتها، حين تعثرت في الطريق، حجرة واحد فقط لم تره، اعترض طريقها بينما كانت تحلم، سقطت وانكسرت آنية الحليب، سال على الأرض، وامتصته تماماً كما امتصت أحلام الفقيرة إلى لا رجعة!
الشعب المصري تماماً كتلك الفقيرة انتظروا طويلاً، كي تكبر العنزة وتدر حليبهم ويرو فقرهم، ثم حلموا لأبعد ما ذهب خيالهم، ولم ينتبهوا إلى أن في الطريق أحجاراً، وأن واحدة فقط منها كافية كي تنكسر عليها كل أحلامهم الا وهو السيد سي مرسي، كما وتجاهلوا أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، وأن الأخير، لا تكفي وحدها لبلوغ أي مكان!.
والان نرى الشعب المصري يجلس ويصرخ على اللبن المسكوب، ولم يعطوا للوقت قيمته الحقيقية، ولا حقيقته كسيفٍ إن لم نقطعه قطع، أقول للشعب المصري صرخاتكم قد تستجلب الشفقة، لكنها أبداً لن تجلب الاحترام، أو تمنحكم مكاناً وسط المنتصرين، ما دام شخص مثل سي مرسي يحكم مصر... العالم يا سادة يحكمه الأقوياء، لا أصحاب المخيلات الواسعة دون قدرة على الفعل. أفهمو القول ...
ويا قلبي لا تحزن...!
اختيار فايز انعيم