أخيراً تم فهم علاقة الغذاء المتوازن بالجهاز العصبي لدى الإنسان بعد ما تم اكتشاف بأن الطعام الصحي يؤدي إلى تأثير ايجابي على السلوك العدواني لدى الأحداث. ففي دراسة ميدانية تعتبر الأولى من نوعها رأسها استاذ الفسيولوجي بارناد جش من جامعة أوكسفورد ببريطانيا ثم اخضاع 231متطوعاً من الأحداث من دار ملاحظة اجتماعية أعمارهم بين الثامنة عشرة إلى الواحد والعشرين عاماً قسموا إلى فريقين تم إعطاء المجموعة الأولى فيتامينات مكملة بينما أعطى المجموعة الأخرى أقراصاً فارغة.
بعدها.. تم ملاحظة الأثر الإيجابي على المجموعة الأولى بعد أقل من أسبوعين حيث ظهر بوضوح انخفاض حالات العنف لدى أولئك المساجين ونسبة أخرى ظهر عليها تعديل في سلوكها العدواني المعتاد.. وبعد الاستمرار في إعطاء المساجين تلك الفيتامينات لمدة خمسة أشهر متواصلة تم تأكيد من خلال تقارير يومية انخفاض حالات العنف بنسبة 26% ويقول رئيس التجربة الذي أجرى الدراسة بأنه وفريقه استنتجوا بأنه إذا ما كان الطعام الصحي والمتوازن ذا علاقة وفائدة صحية لدى جسم الإنسان فلماذا لا يكون التأثير الإيجابي متصلاً بالمخ أيضاً؟
سؤال وجيه بالطبع وليس معروفاً لماذا لم يفكر به علماء التغذية وعلم النفس من قبل، وقد جاء في الأثر بأن المعدة هي بيت الداء.. ويقول الباحث بأنه رغم وجود طعام صحي في دار الملاحظة إلا أن المساجين لم يختاروا الغذاء الأكثر فائدة لذا فإن اعطاءهم الفيتامينات المكملة والداعمة للصحة قد افادتهم. والدراسة التي أشرفت عليها جمعية خيرية تسمى بالعدالة الطبيعية Natural justice وتعنى بدراسة الأسباب المؤدية إلى الجريمة والسلوك العدواني لدى الأطفال والمراهقين يقول رئيسها عن التجربة بأنها معلومة ثورية ويوضح بأن المجتمع بات يعتمد على الطعام الجاهز أكثر من أي وقت مضى حتى في المدارس. أيضاً ملاحظة انخفاض استهلاك الأسماك وهو من الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية ولا يحتوي على كثير من الدهون وأصبح الطعام الجاهز المليء بالمواد الحافظة هو الاختيار الأولي رغم عدم صحية هذا النوع من الغذاء. لذا يأتي دور الفيتامينات المكملة منشطاً ومهماً كي نتلافى ضرر الطعام الجاهز.
وأذكر هنا بأنني قرأت هذا الأسبوع عدة تقارير إعلامية تناولتها الصحف الغربية نقلاً عن مطالب في الشأن الصحي في الولايات المتحدة التي تخضع مطاعمها لهيئة مواصفات للأطعمة كما الأدوية دعوة تطالب مطاعم الطعام الجاهز Fast Food بوضع تحذير على أطعمتها الجاهزة عبارات تقول بأنه أي الطعام الدهني قد يسبب البدانة والتي بدورها قد تسبب حدوث أمراض عصرية عديدة للبدناء مثل التحذير الذي يوضع على علب السجائر.
والدعوة ليست محاولة لإقصاء هذا النوع من الطعام الجاهز كلية وإنما محاولة تشجيع الأجيال النامية والمراهقين بالذات عتى العودة إلى طعام البيت والذي بدوره صحي أكثر خاصة أغذية ما يسمى على دول البحر المتوسط ومنها الدول العربية بالطبع التي تعتمد على الخضروات وزيت الزيتون في غذائها وتأتي اللحوم كجزء مكمل وقليل الكمية.
أعود إلى تجربة الملاحظة الاجتماعية وأتمنى لو أن احدى الهيئات المعنية بنمو الأجيال لدينا سواء كانت تربوية أو صحية أو اجتماعية أن تطبق هذا المثال على سلوك الأطفال بدعمهم صحياً بالفيتامينات المكملة لنرى إن كان هذا يبدو فعلاً أسلوبا علاجيا ذا مردود نستعين به في معالجة كثير من الظواهر العدوانية لدى الأحداث وعلى المستوى الأقل ضرراً نسيطر على ما يطلق عليه النشاط الزائد لدى الأطفال والذي بدوره يشتت تركيز الطفل ويحرمه من الاستيعاب.